من هم العتوب … واحدة من الأحلاف القبلية التي اشتهرت في شبه القارة العربية، بعد أن نجح فرعان منها في إنشاء دولٍ في شبه جزيرة العرب، وستقدّم السطور القادمة معلومات عن منشأ العتوب وأسباب هجرتهم من هضبة نجد، والمواضع التي غادروا إليها.
من هم العتوب
العتوب، هو حلفٌ قبليٌّ تم بين مجموعةٍ من الأسر في شرق شبه القارة العربية، وهم آل صبيحة و آل خليفة و الجلاهمة و آل بن علي و الزايد وأسر أخرى، وقد تمكّن فرعان من هذه الأسر في القرن الـ8 عشر من إنشاء دولٍ عربيةٍ على امتداد ساحل الخليج العربي، وهما آل صباح وآل خليفة، بينما لم يستطيع الجلاهمة، وهم الفرع الثالث من الحلف، من إستحداث أي كيانٍ سياسيٍّ خاصٍّ بهم، وقد هاجرت هذه الأسر المتحالفة من موطنها الأم في نجد لتستقر على شواطئ الخليج العربي، لتنشأ بينهم أواصر مصاهرة، وبصرف النظر عن أن العتوب ضمّ العدد الكبير من الأسر إلا أنهم يرجعون إلى عنزة في أصلهم الأضخم.
سبب تسمية العتوب
اختلفت وجهات النظر بخصوص علة تسمية العتوب، ولقد ذهبت بعض المنابع إلى القول بأن العتوب اكتسبوا ذلك الاسم من اسم إحدى القبائل الكبيرة التي انضمت إلى الحلف، ومن ناحيةٍ أخرى فقد ذكرت بعض المناشئ أن كلمة العتوب هي كلمةٌ مشتقةٌ من التصرف (عتب) وهو يعني ارتحل، وقد أطلقت التسمية عليهم حالَما عتبوا صوب الشمال أي غادروا إلى الشمال، مثلما أطلقت عدد محدود من المصادر اسم بني عتبة على العتوب.
سبب هجرة العتوب من نجد
مأوى العتوب منذ القدم في منطقة الهدار في مقاطعة الأفلاج في نجد، ومع بداية القرن الـ8 عشر الميلادي غادروا المساحة وتوجهوا نحو سواحل الخليج العربي، واختلفت الأصول في عوامل ارتحال العتوب من نجد، حيث ذهب البعض إلى القول بأنهم غادروا نتيجة لـ الجفاف الذي حلّ بالمناطق الوسطى من شبه القارة العربية، مما أسفر عن حدوث مجاعة، الشأن الذي اضطر العتوب وغيرهم من القبائل على الهجرة ورحيل عن المكان، فيما يرجح البعض الآخر أن يكون دافع الهجرة عائداً إلى إشتعال تشاجرٍ مع أولاد عمومتهم من بطن (جميلة) من عنزة، وبعد أن إستطاع العتوب من التغلب على خصومهم، وإخراجهم من البلاد، لجأ هؤلاء الخصوم إلى قبيلة الدواسر، التي ساندتهم في نزاعهم ليتمكنوا من الانتصار على العتوب وإخراجهم من المساحة، وبيَّن المؤرخ النجدي عثمان بن بشر أن التاريخ المرجح لخروج العتوب كان بين عامي 1085-1087هـ/ 1674-1676م، وذلك بعد أن اشتد القحط وزادت هجمات الجراد، المسألة الذي اضطر العدد الكبير من القبائل إلى الهجرة باتجاه في شرق الجزيرة العربية.
اقراء ايضا : سبب هجرة المسلمين الى الحبشة ومعلومات اخرى
المناطق التي استقر بها العتوب بعد هجرتهم من نجد
بعد رحيل العتوب من قلب شبه القارة العربية توجهوا إلى الكمية الوفيرة من الأنحاء على امتداد شواطئ الخليج العربي، ومن تلك المناطق: الإحساء وقطر والكويت، وصولاً إلى البصرة.
الإحساء
عقب هجرتهم من هضبة نجد في بداية القرن الثامن عشر، ترجح قليل من المنابع التاريخية أن العتوب استقروا في بداية المسألة في الإحساء، مثلما تذكر عدد محدود من المراجع التاريخية مشاركتهم “براكَ بن غرير” في السيطرة على القطيف، الموضوع الذي دفع براك بن غرير إلى تم منحه واحد من زعمائهم أرضًا زراعيةً في القطيف.
قطر
عقب الإحساء انتقل العتوب إلى قرية الفريحة القريبة من الزبارة في قطر، حيث طلبوا المعاونة من آل مسلم الذين كانوا أمراء قطر في ذاك الوقت، وبصرف النظر عن إجماع المنقبين على استقرار العتوب في دولة قطر، سوى أنهم اختلفوا في فترة بقائهم فيها، فذهب بعضهم إلى القول بأنهم استقروا لفترة تقارب الخمسين عامًا، تمكنوا خلالها من تعلم ركوب البحر، إلا أن يرى القلائل الآخر أن مدة موارد رزقهم لم تتجاوز 30 عامًا، وخلال هذه المدة استطاعوا أن يتأقلموا مع المناخ البحرية، فتعلموا الغوص وصيد اللؤلؤ، وشاركوا غيرهم من قاطنين الخليج في عمليات النقل البحري، وتذكر المناشئ التاريخية أن دافع مغادرتهم لقطر هو حدوث مشاجرةٍ بين ضيفٍ لهم قادمٍ من نجد وبين أحد قاطنين قطر، وقد تطورت الشجار إلى مشادةٍ أدى إلى مقتل القطري، الأمر الذي أثار غضب حكام قطر، مما دفعهم إلى مطالبة العتوب بتسليم القاتل أو الخروج من دولة قطر، فما كان من ضمنهم إلا ركوب السفن والمغادرة نحو الشمال عبر البحر في سنة 1086هـ/ 1676م.
بندر ديلم
في أعقاب مغادرتهم قطر تفرق العتوب في البلاد، فمنهم من استقر في مناطق في فارس، ومن ضمنهم من مأوى ميناء جزيرة قيس وبندر ديلم، إذ اعتمدوا في معيشتهم على ثلاثة ممارساتٍ أساسيةٍ وهي: الغوص من أجل جمع اللؤلؤ، وصيد الأسماك، إضافة إلى النقل البحري.
البصرة
وصل العتُوب إلى البصرة في سنة 1113هـ/ 1701م، وطلبوا الإذن من حاكم البصرة العثماني علي باشا بغية يقيموا فيها، غير أن الحاكم إلتماس من بينهم التوجه إلى مكانٍ بعيدٍ عن البصرة، وتفرق العتوب بعدها، فمن ضمنهم من استقر في الفتاة ومنهم من ملجأ عبادان ومن بينهم من بقي بالمخراق قرب البصرة، أما آل الصباح وآل خليفة والزايد والجلاهمة ولقد استقروا في خور عبد الله، وسكنوا في بندر أم قصر قرب شط العرب، وبدأوا بالعمل في الرعي والتنقل بسفنهم البحرية عبر موانئ الخليج، وبعد حربهم مع الهولة، طلب الوالي إبعاد العتُوب والخليفات من أم قصر، فتوجهوا باتجاه الجنوب إلى الصبية، إذ التقوا إخوانهم الماضيين، فلما علمت قبيلة الظفير بوجودهم في الصبية توجهوا لقتالهم، فغادر العتوب البنت واتجهوا صوب الكويت.
الكويت
حالَما بلغ العتُوب إلى الكويت في عام 1127هـ / 1715م، استأذنوا من بني خالد حكام الإحساء للإقامة فيها، فأذنوا لهم، فأقاموا فيها أسفل تأمين بني خالد، إذ عملوا في التجارة ومزاولة الغوص لصيد اللؤلؤ، مثلما عملوا في التجارة البحرية من وإلى الهند، فازدهرت أعمالهم وزادت أعدادهم في البلدة، وفي عام 1129هـ / 1716م تحالف ثلاثةٌ من أكبر رؤساء القبائل التي تقطن الكويت وهم صبيحة بن جابر بن سلمان بن أحمد، وخليفة بن محمد، وجابر بن رحمة العتبي رئيس الجلاهمة، واتفقوا على تولي فجر الرئاسة وأمور الحكم، شريطة التشاور معهم، مثلما اتفقوا على تولي خليفة أمور الملكية والتجارة، بينما تولى جابر شؤون العمل بحريا، وتم تقسيم جميع الأرباح بينهم بالتساوي، وكل ذلك أسفل الحكم الخالدي المباشر.
انفصل آل خليفة عن العتوب بالكويت وغادروا إلى الزبارة في قطر، مثلما تمكنوا لاحقًا من فتح البحرين في عام 1783م، وقاموا بطرد عساكر والي بوشهر نصر آل مذكور بمشاركة آل غداة حكام الكويت.