ملف العنف ضد المرأة pdf .. يُمكننا تعريف العنف ضد المرأة بأنَّه التصرف العنيف الذي يقوم على أساس التعصب للجنس؛ حيث إنَّه يُمارَس مقابل المرأة، فيلحق الأذى النفسي والجسدي والجنسي بها. ثم إنَّ حرمان المرأة من حقوقها، والتحكم فيها، وتهديدها بأي أسلوب وكيفية كانت، أعمالٌ تُعدُّ من أفعال الصرامة؛ إذاً هو انتهاكٌ صريحٌ لحقوق وكرامة البشر، فهو يعرقل حريتها، ويشكِّل عائقاً يقف في وجه حصولها على حقوقها المشروعة والبديهية، إضافةً إلى أنَّ آثاره الهدامة لا تقف عند المرأة لاغير، إلا أن تنعكس بشكل سيئ وسلبي على المجتمع بأكمله إبتداءاً من الأسرة.
ملف العنف ضد المرأة pdf
والعنف ضد المرأة ظاهرة عامة لا صلة لها بمجتمع محدد أو ثقافة ما، ولا يتعلق بطبقة اجتماعية بعينها.
من الجوهري التعرف على أنواع ذاك الصرامة؛ إذ إنَّه لا يأخذ شكلاً واحداً، ولا يظهر بطريقةٍ وسلوكٍ شخص، إلا أن له وافرة أشكال يمكن تلخيصها بالآتي:
العنف الجسماني: هو أكثر الأشكال وضوحاً، ويشتمل على أي استخدام للقوة الجسدية ضد المرأة، كالركل، واللطم، والصفع بأدوات تُسبب الأذى للجسد.
الشدة النفسي: يصبح على علاقة هذا العنف بسابقه، فالمرأة التي تتعرض لعنف جسدي، ستترك كل ضربة أو لكمة أثراً نفسياً كبيراً في ذاتها وروحها، وسيؤثر ما ينتج ذلك في مختلف نواحي عمرها وفي شخصيتها، فيقلِّل من قدراتها، ويُتضاؤل ثقتها بشخصها، ويُعلة لها اكتئاباً وخوفاً وقلقاً، بالإضافة إلى الأثر الذي سيتركه في معدّل تقديرها لذاتها، وعجزها عن إحكام القبضة على الأمور من حولها.
الشدة اللفظي: كما يؤثر العنف البدني في نفسية المرأة، فإنَّ للعنف اللفظي الأثر الظاهر والأكبر في صحتها النفسية. ومن أمثلة هذا النمط من الصرامة: الصراخ فوقها في المواضع العامة، واستخدام عبارات وألفاظ تُقلِّل من شأنها وتُحقِّرها في مواجهة الناس.
الصرامة الاقتصادي: يرجع التبرير في ذلك العنف إلى عدم مقدرة المرأة على الاستحواذ على المال، جراء تبعيتها المالية لزوجها، فهي غير قادرةٍ نتيجةً لذا على اتخاذ أي أمر تنظيمي مالي، ولا حتى على الإدلاء برأيها بشأن بالأمور المالية، وذلك على اعتبار أنَّ الرجل هو من يقوم بتحصيله.
أسباب العنف ضد المرأة:
وفيرة هي الأسباب التي تقف خلف العنف الموجه مقابل المرأة. ويمكن تلخيص أهم تلك العوامل بما يأتي:
العوامل الاجتماعية: المتشكلة بالأساس في تركيبة المجتمع، ومجموعة المعتقدات والعقائد التي اتفق أعلاها غالبية أفراده، والتي تحولت إلى معايير اجتماعية سائدة ومنتشرة. والإشكالية الأضخم، أنَّ هذه المقاييس سلبية ومؤذية وغير منطقية، فالسلطة الذكورية، وأفضلية الرجل على المرأة، وحق الرجل بالتحكم في تصرفات الإناث، واختيار القساوة ضدها كوسيلة لحل الخلافات؛ كلها من المقاييس السائدة في عديدٍ من المجتمعات.
إنشاءً على ذلك، فإنَّ للأعراف الاجتماعية دورها الجلي في تعزيز الوحشية ضد المرأة، وتحويله إلى سلوك عام لا خجل منه. وطبعاً، ذاك ما أكدته كثيرٌ من الأبحاث الإثنوغرافية والأنثروبولوجية. لكنَّ الشيء المحزن بالفعلً، أنَّ نفوذ هذه الطقوس لا يقوم على عقول الرجال، بل يتعداه ليصل إلى أذهان الحريم، وخصوصا الزوجات اللواتي أصبحن يعتقدن أنَّ تعرضهنَّ للضرب، وللعقاب الجسدي، والتعنيف اللفظي، أمرٌ طبيعي وضمن سياق سير الموضوعات، ولكنَّه في العالم الحقيقي، لا يمكن تعميم ذاك الاستحسان على كل المجتمعات بالتساوي؛ إذ إنَّ لكل مجتمع قيمه المتنوعة وعاداته وتقاليده، ودرجة برفقتيَّنة من التقدم الاجتماعي والفكري، والتي تلعب عامتها دوراً في السلوكات العامة المُتفق فوق منها.
الأسباب السياسية: لنتخيل جميعاً عدم حضور إجراءات تأديبية رادعة للسرقة مثلاً في جمهورية ما؛ النتيجة الطبيعية لهذا، سوف تكون انتشار الإستيلاء بشكل ملحوظ، لأنَّ الجمهورية هذه هيأت بذلك المناخ الحاضنة للسرقة، فلن يخشى السارق من ارتكاب فعلته، ما دام قد علم أنَّه لن يُحاسب. حقيقةً، ذاك ما يأتي ذلك في كميات وفيرة من دول العالم، والتي لا تتعامل بجدية مع موضوع مثل مسألة الوحشية ضد المرأة، فلا تُصدر قوانين رادعة، ولا تحط عقوبات صارمة، لمن يقوم بذاك الفعل. وفي حال وجود مثل هذه القوانين، لا نجد تطبيقاً فاعلاً لها، يمكنه أن يقف بوجه الصرامة في مواجهة المرأة ويمنعه. فالدولة التي لا تأخذ موقفاً واضحاً ضد هذا الشدة، على يد قوانينها وممارساتها، تظهر وكأنَّها متسامحة ومبررة لما يحدث، فيما أنَّه ينبغي على أُطرها القانونية وسياستها أن تكون بديهية.
من خلل ونقائص السياسات أيضاًً، الإهتمام على منع الفاعل لاغير، بينما أنَّ أعلاها مسعى إيجاد حل للمشكلة من المنشأ، والاستفادة من القانون المواطن، والدستوري، والجنائي، والإداري من أجل هذا. ثم إنَّ على الدول والحكومات ألَّا تَغفل في سياستها عن وحط برامج توعوية، وإنشاء شركات مختصة لنشر الوعي وتأمين المرأة من التعنيف، وأبرز من ذلك كله، أن تُقدِّم ملاجئ آمنة للنساء المعنَّفات، في حال قرَّرن وضع حد للعنف الذي يتعرضن له؛ حيث يمكن أن نلمح كيف تَقلُّ نسبة الصرامة في الدول المتطورة، وهذا نتيجة لـ الدور الضخم والرادع الذي تمارسه القوانين الصارمة والعقوبات الشرسة مقابل المُعنِّفين، والإجراءات الجدية التي تتخذها هذه الدول للدفاع عن المعنَّفات.
العوامل الاستثمارية: تحتل الأسباب الاقتصادية نسبة 45 بالمئة من مسوغات العنف مقابل المرأة، وتوضح تلك الأسباب بأشكال مختلفة؛ فانتشار الفقر في المجتمعات بشكل ملحوظ، يُعدُّ واحداً من تلك العوامل، ويزيد من خطر تعرُّض النساء للعنف، وقد شددت الأبحاث هذا، حين أشارت على أنَّ الحريم اللواتي يعشن في مجتمعات فقيرة، وفي إطار أحوال اقتصادية ضيقة، معرضاتٌ للعنف زيادة عن السيدات اللواتي يعشن في أحوال أحسن وأغنى، ولذا لأنَّ الحريم في تلك الظروف يتعرضن للاستغلال على نحو أضخم، ويُجبرن على الزواج المبكر، والذي تَعدُّه المنظمات العالمية منافياً لكل القوانين والطقوس. ثم إنَّ البطالة أيضاً تُعدُّ من العوامل الاقتصادية المرتبطة بالعنف بشكل مباشر، والتي يتجلى أثرها عبر الشدة الأسري وتزويج القاصرات. وإضافةً إلى ذاك كله، يلعب الوضع الاستثماري دوراً كبيراً في تقبُّل السيدات للعنف، ففي حالة الزوجات، تجد كثيرات منهنَّ مجبرات على المكث وقبول العنف، لأنَّهنَّ غير لديهن القدرة على تشطيب علاقتهنَّ الزوجية على الرغم من تعنيفهنَّ، نتيجة لـ حاجتهنَّ إلى المنزل والطعام والمال. والمهم ذكره، أنَّ المرأة في حضور هذه الظروف لن يمكنها تشطيب تعليمها، ولذا ما سيعوق رغبتها في الحصول على عمل لتستقل مادياً.
الأسباب النفسية: ترجع الأسباب النفسية من الأساس إلى التنشئة الاجتماعية منذ الطفولة، فكثيرٌ من الأبحاث تؤكد أنَّ أغلب المذنبين العنيفين تعرضوا في طفولتهم لسوء التربية، والعقاب الجسدي الشديد، وقلة المراعاة، وغياب التخزين. فالعنف -مثلما يقول علماء النفس- هو إيراد الغضب الذي ينتج ذلك نتيجة لـ اليأس والإحباط والخذلان الذي يجابهه الإنسان في وجوده في الدنيا. ليس ذاك وحسب، فالشعور بالعجز والقهر، والانتقاص من قيمة الرجل في موضع عمله، فضلاً عن اضطراره إلى السكوت وتلقِّي الإهانة بصمت؛ كلها أسباب أخرى تكون السبب في ردود ممارسات عنيفة، يوجهها القرين باتجاه زوجته كطريقة لتفريغ ما يحس به من ألم. تلعب ايضاًً الأمراض النفسية والاضطرابات الشخصية لدى الرجل، مثل اختلال الشخصية الحدية، دوراً في العنف الذي يُمارسه، وقد أثبتت الأبحاث أنَّ نسبة عالية من الرجال الذين يعنفون زوجاتهم، يتكبدون من قلاقِل شخصية مُعادية للمجتمع.
الأسباب الشخصية: تُضطر عدد كبير من السيدات إلى السكوت عن الصرامة الممارس ضدهنَّ بدافع الرهبة من الرجل أولاً، فيما يكون سكوتها بالدرجة الثانية لأسباب مرتبطة على نحو مباشر بما في وقت سابق ذكره من أسباب، كعدم وجود حاضنة اجتماعية لها، وعدم حضور قوانين تصونها، أو مكان تلجئ إليه، إضافةً إلى الضغط العائلي الذي يُمارس ضدها لتُجبَر على السكوت.
أسباب ترتبط بالاستيعاب الخاطئ للدين: إذ يمكنه رجال الدين عبر كلامهم، التأثير في الرجال على نحو ضخم، وقد يعزز كلامهم الحقد إزاء الزوجات، أو يدفع الآباء إلى تضيق الخناق على بناتهم.