ماهو سبب الاحتفال بالاسراء والمعراج … الاحتفال بذكرى ليلة الإسراء والمعراج في 27 شهر رجب من البدع التي تشعبت وتوسّعت في العصر المحادثة، فما حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؟ ولماذا الاحتفال بليلة
من العوامل اللازمة والخطيرة لانتشار مجموعة من البدع في هذا العصر – مشاركة قليل من العلماء، والدعاة، والخطباء في الاحتفال بها.
ماهو سبب الاحتفال بالاسراء والمعراج
والملاحظ أن كثيرًا من البدع في العصر الحوار قد اندثرت ونسيها الناس؛ لا لأنهم عرفوا أنها ضلالة، ولكن لأن الحياة المعاصرة بمشاكلها وأنماطها الجديدة صرفت الناس عن تلك البدع، مثلما شغلتهم ملهيات العصر عن تذكرها والاهتمام بها، لكن صرفت كثيرًا من الناس عن الالتزام بالدين.
وقد كان الأولى بهؤلاء العلماء والدعاة والخطباء في هذه الوضع أن يستثمروا ذلك الفراغ الديني، وينتهزوا فرصة انصراف الناس عن عدد كبير من بدع العبادات والأعياد والاعتقادات؛ ليقيموا السنن ويهدموا البدع، ويبذلوا الجهود للقضاء على ما توجد لدى الناس منها، ولكن.. -ويا للعجب!- يشارك بعض العلماء والدعاة والخطباء في تأصيل عدد من البدع، حتى البدع التي زالت ونسيها الناس! مثلما في الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج في الـ7 والعشرين من شهر رجب..
فيبدأ خطباء المساجد في سرد قصة الإسراء والمعراج وبيان ما فيها من دروس وعبر، وعديد منهم يستند على كتب غير محققة ولا موثقة من عدد محدود من كتب خطب المواسم المعبأة بالأخطاء، ومن العلماء والدعاة من يساهم في احتفالات هذه الليلة في الفضائيات والمواقع والصحف من صحف وقنوات فضائية وغيرها بمحاضرات أو كلمات؛ بحُجَّة إدارة الاستدعاء، أو نتيجة لـ الكبس الإعلامي أو الاجتماعي أو غير ذلك.
والذي يدقِّق النظر بشكل بسيطً في أكثرية احتفالات الإسراء والمعراج يلاحظ أن ما كان يحدث فيها أثريًا من منكرات العامة والتي ذكرها العلماء أثريًا، مثل إيقاد الشموع والمصابيح فيها على المنارات، وتلاوة قصة المعراج المنسوبة إلى ابن عباس والمليئة بالأباطيل، وأيضاً ما كان الناس يفرشونه من البسط والسجادات لذكرى الإسراء والمعراج خصوصًا، والاختلاط بين السيدات والرجال، والخلط بين قراءة القرآن وقراءة الأشعار بألحان مغايرة.. كل ذاك وغيره ندر أن يحدث في تلك الأيام.
ويلمح أن الذي يسكن احتفالات الإسراء والمعراج في تلك الأيام ويذكِّر الناس بها في 27 من شهر رجب هم مجموعة من خطباء المساجد وبعض العلماء والدعاة، ولذا يشير إلى أن البدع التي تكاد أن تتلاشى من حياة الناس يتسبَّب عدد من الدعاة والخطباء في إعادتها بمشاركتهم فيها، وعدم إنكارهم لها.
ولا أظن أن هؤلاء الذين يشاركون في احتفالات ليلة الإسراء والمعراج من الدعاة والخطباء يجهلون الحقائق التالية:
أولاً: لا يوجد مقال في الكتاب والسنة فيه دلالة على مشروعية الاحتفال بهذه الليلة والتذكير بفضلها:
ولم يرد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أو أحدًا من الصحابة احتفل بهذه الليلة، سواء لغرض الذكرى أو التذكير بما فيها من عبر، أو نتيجة لـ فضلها وشرفها. وهذا دليل حتّى الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة محسنة؛ لأن العبادات توقيفية، وقد استقر في الصحيحين من عصري عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله r أفاد: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”. وفي قصة لمسلم: “من عمل عملاً ليس فوقه أمرنا فهو رد”.
ثانيًا: لا يدري واحد من تحديدا متى حدث الإسراء والمعراج؛ فكيف يُخصَّص 27 من رجب للاحتفال بها؟
والقول بوقوع الإسراء والمعراج في 27 من شهر رجب خصوصًا من الأقوال المردودة، ولقد اختلفت أقوال العلماء اختلافًا صارمًا في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج، صرح المباركفوري في (الرحيق المختوم): “حدث حادث الإسراء والمعراج، واختُلف في تكليف زمنه على أقوال شتى:
1- فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة، واختاره الطبري.
2- وقيل: كان حتى الآن المبعث بخمس سنوات، رجَّح ذاك الذري والقرطبي.
3- وقيل: كان ليلة الـ7 والعشرين من شهر رجب سنة عشرة من النبوة.
4- وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهرًا، أي في رمضان سنة 12 من النبوة.
5- وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة.
6- وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة.
وَرُدَّتِ الأقوالُ الثلاثة الأضخم بأن خديجة -رضي الله عنها- توفِّيت في رمضان سنة عشر من النبوة، وكانت موتها قبل أن تفرض المطالبات الخمس، ولا عكس أن إنفاذ الدعوات الخمس كان ليلة الإسراء.
أما الأقوال الثلاثة الباقية فلم أجد ما أرجِّح به واحدًا منها، إلا أن سياق سورة الإسراء يدل حتّى الإسراء متأخر جدًّا”.