هل صيام يوم عاشوراء يكفي ..صوم يوم العاشر من شهر محرم  إذا صام الواحد يوم العاشر من شهر محرم لاغير، ولم يصم يومًا قبله، ولا يومًا بعده؛ هل يجزئه ذاك؟

الجواب:

نعم يجزئه؛ إلا أن ترك الأجود، الأمثل أن يقوم بصيام قبله يوم، أو بعده يوم، ذاك هو الأجود، يشير إلى: يقوم بصيام 48 ساعةٍ، الـ9 والـ10، أو الـ10 والحادي عشر، أو يقوم بصيام الثلاثة: الـ9، والـ10، والحادي عشر، ذلك أجود، ضدًا لليهود . نعم.
المقدم: أجود الله إليكم.

فضل صيام يوم عاشوراء

يشعر المسلمون برباط العقيدة أيما كانت فواصل الوقت، وكما تعدى المؤمنون من أناس موسى عليه أفضل السلام المحنة، أيضاً يجب أن يتجاوزها المسلمون في جميع عصر وملة، وكما صام موسى يوم عاشوره من شهر الله المحرم شكراً لله على النصر للمؤمنين، صامه محمد عليه الصلاة والسلام والمؤمنون، وما يزال المسلمون يتواصون بسنة محمد عليه الصلاة والسلام بصيام ذلك اليوم، ويرجون بره وفضله.

فاقدروا لذا اليوم قدره، وسارعوا فيه إلى الطاعة واطلبوا المغفرة، وخالفوا اليهود، وصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، فذلك أزاد مراتب الصوم مثلما أفاد ابن القيم رحمه الله.

شهر الله المحرم أفضله اليومُ الـ10 منه، ولذا اليوم تاريخٌ أسبق، ,له شأن عارم، فهو يوم من أيام الله المشهودة. ذلك اليوم يصبح على علاقة بطلب حضور موسى بن عمران كليم الرحمن، ذاك أن الله تعالى قصَّ علينا خبرَ ذلك النبي الكريم منذ ولادته على أن بعثه الله داعيا لفرعون، يدعوه إلى الله وإلى عبادته.

قصَّ علينا القرآن خبرَ ذلك النبي الكريم في أغلب آي القرآن، ما بين مبسوط وما بين موجَز، وما كانت هذه القصة عبثاً، ولا مجرَّد تاريخ يُحكى، غير أنها العبر والعظات، {لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِى ٱلألْبَـٰبِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَىْء وَهُدًى وَرَحْمَةً لْقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .

قصَّ الله علينا خبر ذلك النبي الكريم من حين وُلد، ذاك أنه عليه أفضل السلام وُلد في سنةٍ كان فرعون يقتل فيه الذكورَ من بني إسرائيل، ويستبقي فيه البنات، إلا أن الله جل وعلا تخزين ذلك النبيَّ من كيدهم، ووقاه شرَّهم، وتربَّى في منزل آل فرعون، لما لله في هذا من الحكمة البالغة.

لما أنجى الله موسى وأغرق فرعونَ صام موسى عليه أفضل السلام يومَ الـ10 من محرم شكراً لله على نعمته وفضله فوق منه بإنجائه وقومه وإغراق فرعونَ وقومه، صامه موسى عليه أفضل السلام، وتلقته الجاهلية من أهل الكتاب، فكانت قريشٌ تصومه في جاهليتها، وقد كان النبي يصومه معهم.

قالت عائشة رضي الله عنها: {كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه}.

وقدم الرسول المدينةَ مهاجراً، واليهود إذ ذاك بها، فوجدهم يصومون اليوم العاشر، سألهم: ما سبب الصيام؟ قالوا: يومٌ أنجى الله فيه موسى ومن معه، وأغرق فرعونَ ومن معه، فصامه موسى شكراً لله، فنحن نصوم، قال لهم النبي: ((نحن أحق وأولى بموسى منكم))، أجل، إن محمداً وأمته أولى بموسى وأولى بكل الأنبياء؛ لأنهم آمنوا بالأنبياء، وصدَّقوا رسالاتهم، {آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ} [البقرة:285]

{إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِىُّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:68]، فصامه محمدٌ شكراً لله على ما منحه موسى عليه السلام، صامه وأمر الناس بصيامه، وأرسل إلى قرى الأنصار: ((من أصبح صائماً فليتمَّ صومَه، ومن أكل فليتمَّ بقيةَ يومه))، فلما افتُرض رمضان أخبرهم أن من شاء صام، ومن شاء لم يصم، لكنه رغَّبنا في صيامه، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رسول الله يصوم يوماً يتحرَّى فضلَه على الأيام من هذا اليوم، يعني يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان. وقال أبو قتادة: قال رسول الله: ((صوم يوم عاشوراء أحتسبُ على الله أن يكفر سنةً ماضية)).

صام النبي صلى الله عليه وسلم تسعَ سنين، صامَ عاشوراء، وفي العام الأخير قال: ((لئن عشتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسعَ))، يعني مع العاشر، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يصومه، وقال لنا: ((صوموا يوماً قبله، أو يوماً بعده، خالفوا اليهود)).

ويستحب صوم التاسع والعاشر جميعا; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر، ونوى صيام التاسع. وقال بعض العلماء: ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ألا يتشبه باليهود في إفراد العاشر.