الطفل ريان سبب سقوطه … ما زالت أنفاس المغاربة محبوسة وهم يتابعون محاولات نجدة الطفل ريان الذي سقط في بئر ضيقة في واحدة من القرى بضواحي بلدة شفشاون بشمال المغرب (صوب خمسمائة كلم عن العاصمة الرباط).
وتظل نشاطات إغاثة الولد الصغير ذي الخمس أعوام منذ خمسين ساعة، في حين ما زال الصغير يقاوم للنجاة في أعقاب قضائه ليلتين في نطاق البئر واحتمال تعرضه لكسور نتيجة سقوطه.
الطفل ريان سبب سقوطه
ووصل النقب إلى عمق 23 مترا حتى العاشرة صباحا، حسب ما شرح للجزيرة نت محمد عادل التاطو الصحفي الموجود في المكان منذ ليلة البارحة.
ولم ينم المغاربة ليلتهم، وباتوا يتابعون تقدمات تجارب الإنعاش، وينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات تتضمن أدعية للطفل ووالديه، واقتراحات بهدف تسريع مراحل الإنعاش، بينما إستمرت المواقع الإلكترونية متابعتها الميدانية المباشرة عبر مراسليها المحليين.
العائلة متشبثة بالأمل
وسقط الصبي ريان في بئر ضيقة عمقها ثلاثين مترا قرب منزل عائلته في قرية أغران الجبلية بضواحي شفشاون أول أمس يوم الثلاثاء.
واختفى الولد الصغير فجأة عن الأنظار، وبعد بحث شخصيات عائلته عنه وجدوا البئر من دون غطاء وآثار قدم ضئيلة بجانبه، فقاموا بإشعار السلطات المحلية وتأكدوا من سقوطه في البئر عقب إنزال كاميرا هاتف إلى داخله.
وبدأ البحث محليا باستعمال وسائط كلاسيكية، وبعد استحالة الوصول إلى الصبي تم إخطار السلطات في مدينة شفشاون وتوسيع الأجهزة المشاركة في البحث لتتكثف المبادرات منذ ليلة يوم الاربعاء بعد انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بصوت هزيل ومكلوم، يبدو أب الغلام خالد أورام -للجزيرة نت- أن عائلته تعيش على وقع الانتظار، بين لحظات تفاؤل وتشاؤم.
ونوه على أن والدة ريان أصبحت في وضع عسير ويغمى فوق منها بين وقت وآخر، مستصعبا موقف الترقب التي يعيشونها وفشل التجارب لإنقاذه منذ الثلاثاء.
وتوجد البئر التي سقط فيها الولد الصغير قرب بيت الأسرة، وكانت الأشغال فيها متتالية للعثور على الماء. وحسب عادل التاطو، فأقارب الغلام يقولون إن سطح البئر كان مغطى بغطاء من الزنك ويرجحون أن سيارة مرت فوقه ونزعته.
ويحس الوالد المكلوم بالمرارة والحزن مع مرور الزمان، متشبثا بآخر أمل وهو اقتراب عملية النقب من الإتيان إلى قعر البئر، راجيا أن يعطي الله ابنه الشدة حتى يصل إليه المنقذون.
تواصل جهود الإنقاذ
وتظل نشاطات النبش في نطاق البئر بحذر خشية حدوث انهيار في التربة. ويقول عادل التاطو إن السلطات وسّعت مجال الحفر ليصير على طراز 1/2 دائرة تحيط بالبئر، وانضمت هذا الفجر جرافتان ليصبح عددها 6 في تجربة لكسب الدهر وتسريع الإنقاذ.
ووضح عادل أن كل التجارب للهبوط إلى البئر باءت بالفشل بالنظر لضيقها حينما توغل المنقذون داخلها.
وأشار إلى أن متطوعا نحيف البنية نزل إلى البئر واقترب من الولد الصغير لكن حجرا حال دون وصوله إليه، واستعانت السلطات بخبير في ممنهجة “استغوار” نزل مرتين إلى البئر واجتاز في الأولى 17 مترا، وفي الثانية 24 مترا ولم يقدر على من الاستكمال بسبب ضيق الحفرة، غير أنه تمكن من مناداة الطفل ريان وتجاوب معه بصوت خافت.
وحسب عادل، فإن الولد فاقد للحركة أسفل البئر ويتخلف عن الحضور عن الوعي بين فينة وأخرى، إلا أنه ما زال إلى صبيحة اليوم الخميس حيا يتنفس رغم قواه الخائرة.
وأزاد أن السلطات تكرار وضعه عبر كاميرا مربوطة بحبل، كما يشطب مدّه بالأكسجين عبر حبل أحدث، ويرسلون له الماء واللبن وكذلك يرسلون بين فينة وأخرى جهاز راديو ليؤنسه في نطاق البئر.
وتوافدت الحشود إلى المنطقة من سكان المنطقة والقرى المجاورة ومدينة شفشاون، بينما يستكمل المغاربة وأيديهم على قلوبهم الأخبار عبر رسائل المواقع الإلكترونية والتلفاز الموثق والرسمي ومواقع السوشيال ميديا.
وبعد مبالغة توافد الجماهير التي قدرها التاطو بحوالي 4 آلاف فرد، عملت السلطات على تحضير العملية، وأخلت المنطقة المحيطة بالبئر، ومنعت المتجمهرين والصحفيين من الاقتراب منها بحوالي خمسين مترا، في حين تحلق طائرة هليكوبتر في المكان.
وتشرف السلطات المحلية منذ ليلة أمس بقرب مسؤولين أمنيين على سير عملية النجدة وتنظيمها، فإلى منحى مكونات الوقاية المدنية يرابط في المكان عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة.
متابعة وتضامن
ويستكمل المغاربة عبر المواقع الإلكترونية موضوع الولد ريان، وتصدر وسم “#أنقذوا الصبي ريان” منصات التواصل الالكترونية، وانطلقت حملات تضامن في عدد من الدول لدعم عائلته وتحفيز نشاطات التخليص.
وتحدث الكاتب المغربي يوسف نجاح في تدوينة على فيسبوك “تابعت منذ أمس عملية إنقاذ الولد ريان المطردة حتى اللحظة.. هناك وجه مفجع وكارثي في القضية وهناك وجه مشرق يتمثل في التضامن الذي أبداه المغاربة من جميع المناطق سواء عن طريق الحضور المباشر والاستعداد للتضحية بالنفس أو من خلال الاستكمال والتعاطف. مثلما لا يفوتني أن أشيد بكثير من الإخوة الأشقاء من بعض الدول الأخت والصديقة كالجزائر ومصر الذين لم يكحل السبات عيونهم منذ أمس، ولم يتوقفوا عن الصلاة والدعاء من أجل ابننا الصبي ريان”.
وكتب الإعلامي المغربي إسماعيل عزام تدوينة جاء فيها “إنقاذ الطفل ريان يقتضي أن يكون قضية المغاربة جميعا في تلك اللحظة.. مساعي نجدة الولد الصغير مطردة والوقاية المدنية تقوم بأكثر من مجهوداتها إلا أن الشأن يتطلب تدخلا خاصا بأساليب أكثر تطورا ومعدات أكثر قوة وطواقم إغاثة مجربة حتى إذا اضطرت السلطات إلى إلتماس تنقل متعجل لفرق خاصة من مدن أخرى. ذاك تحد يجب النجاح به بأي أسلوب وكيفية.. حياة ريان تهم المغاربة ككل وليس عائلته أو جيرانه ليس إلا”.
وبينما يتخطى الزمن، يضع المغاربة ومعهم متابعون من خارج المغرب أيديهم على قلوبهم، آملين أن تنتهي رواية الصبي ريان نهاية مبتهجة ويعود إلى عائلته سالما معافى.
متابعة رسمية
وتتابع الحكومة المغربية مبادرات الإغاثة من كثب، إذ صرح الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع مجلس الشعب، الناطق الإعلامي باسم السُّلطة، مصطفى بايتاس، أن وزير الداخلية قدم تقريرا في المجلس الحكومي عن الموضوع.
وكشف الوزير في المؤتمر الصحفية التي تلت المجلس الحكومي المنعقد ظهر اليوم يوم الخميس أن مكونات الإنقاذ وضعوا مجموعة إسكربتات لإخراج الولد الصغير ريان من البئر بتوجيهات من وزيري الداخلية والصحة والتأمين الاجتماعية وأسفل إشراف رئيس إدارة الدولة، من داخلها توسيع قطر الثقب، وإنزال واحد من رجال الإنقاذ، ثم النقب على نحو مواز مع سطح البئر الذي يصل قطره 45 سنتيمترا، بهدف إيجاد بوابة للوصول إلى الولد.
وشدد الوزير أن البلد ليست عندها إشكالية في الأساليب وطرق العمل والخبرة، لافتا حتّى المملكة تتاح على الإمكانية والقدرة والتجربة والحس للتدخل وأن لجان الإنعاش تعمل ليل نهار لنجدة الولد ريان، بل طبيعة التربة تصعب مأمورية التدخل.
وصرح “الرهاب إذا كان التدخل قويا من الأساليب وطرق العمل والمركبات أن تحدث مأساة أخرى”، وأزاد أن توافد الحشود بكثافة إلى موضع النكبة يصعب مبادرات مكونات التخليص.