هل شهر شعبان ترفع فيه الاعمال .. وها قد مضى أيها الأحبة شهر رجب، ودخل شعبان، وفاز من فاز بالتقرب والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل شعبان والناس عنه غافلة.
ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال سلف الأمة، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، مع ذكر عدد محدود من فضائله وأحكامه.
عن أسامة بن زيد رضي الله سبحانه وتعالى عنهما قال : قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال : ((ذلك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأفعال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي].
هل شهر شعبان ترفع فيه الاعمال
وعن أنس بن مالك رضي الله سبحانه وتعالى عنه قال : كان رسول الله يقوم بصيام ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يقوم بصيام العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان، [رواه الإمام أحمد].
ومن وحشية محافظته عليه الصلاة والسلام على الصيام في شعبان أن أزواجه رضي الله سبحانه وتعالى عنهن، كن يقلن أنه يقوم بصيام شعبان كله، على الرغم من أنه عليه الصلاة والسلام لم يتابع صوم شهر غير رمضان، فهذه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يقوم بصيام، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل صوم شهر قط سوى شهر رمضان، وما شاهدته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم].
وفي رواية عن النسائي والترمذي أفادت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا بشكل بسيط، إلا أن كان يصومه كله
وفي رواية لأبى داود قال : كان أحب الشهور إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان. وتلك أم سلمة رضي الله سبحانه وتعالى عنها تقول: ((ما أبصرت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بصيام شهرين متتابعين سوى شعبان ورمضان)).
ولشدة معاهدته صلى الله عليه وسلم للصيام في شعبان، قال قليل من أهل العلم: إن صيام شعبان أحسن من سائر الأشهُر، وإذا كان قد ورد المقال أن شهر الله المحرم هو أفضل الصوم عقب رمضان، فعن والدي هريرة رضي الله سبحانه وتعالى عنه قال: صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسمى الصوم حتى الآن رمضان شهر الله المحرم، وأسمى التضرع عقب الإلزام صلاة الليل)) [رواه مسلم].
وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان رضي الله عنه صرح: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أرقى التضرع بعد المفروضة التضرع في جوف الليل، وأفضل الصيام في أعقاب رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم)).
وبيَّن أهل العلم حكما في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الأشهُر: منها: أن أرقى التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن المدفوعات الشهرية مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الخصوصية، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أحسن من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة
فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أجدر من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه ثم في أعقاب انقضاء رمضان يسن صوم ست من شوال، فهي كالسنن المرتّبات التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.
ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه عصري أسامة بن زيد المتطور ذكره وفيه قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الأشهُر ما تصوم من شعبان؟ فبين له عليه الصلاة والسلام علة هذا فقال له: ((ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان)) وماذا ايضا؟ صرح: ((وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم))