خطبة عن زكاة الفطر صيد الفوائد .. الحمد لله رب العالمين، مقسِّم الأرزاق، والحمد لله الذي جعل للفقير حقَّاً في مال الغنيِّ، ففرض الزَّكاة لتنقية النُّفوس من الشُّح، ولتنمية الثروات، ولكسب الأجر والثَّواب في الدُّنيا والآخرة، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله أشرف الخلق، الحائز على أزاد الصِّفات والخصال، وعلى آله وصحبه والتَّابعين لهم بإحسانٍ، وسلّم تسليماً بكثرةً

خطبة عن زكاة الفطر صيد الفوائد

الوصية بتقوى الله

أمَّا حتى الآن: أيُّها النَّاس، اتَّقوا الله، وأدُّوا ما إنفاذ الله -إيتي- عليكم من الفروض، يقول الله -إيتي-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)،[٢] ويقول -هلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).

الخطبة الأولى

أيُّها النَّاس، خلق الله -إيتي- عباده متفاوتين ومختلفين في أشكالهم وطباعهم وأرزاقهم، كما أنّ قُدرة كلِّ واحدٍ على تحصيل الرِّزق متباينٌ أيضاً، قال الله -هلم-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[٤] ولقد فضَّل الله -هلم- عدد محدود من النَّاس على بعضهم في الرِّزق، وجعل الله سبحانه للفقير حقَّاً في مال الغنيِّ.

عباد الله، الزّكاة رُكنٌ من زوايا الإسلام، فهي ثالث أركانه، قرنها الله -تعالى- بالصَّلاة في الكمية الوفيرة من المقار في كتاب الله الخاتم، وهي حقُّ الفقير في أموالنا، ولقد خلقنا الله ورزقنا من الطيِّبات، وقسَّم بيننا الأرزاق، فلنشكره ولنحمده، ولنزكّي أموالنا لنطهِّرها، ولنحذر الشُّحَّ والبخل، خسر توعَّد الله -تعالى- مانع الزَّكاة بالتهديد الشَّديد، ونزع البركة من أمواله، صرح الله -تعالى-: (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ* يَومَ يُحمى عَلَيها في نارِ جَهَنَّمَ فَتُكوى بِها جِباهُهُم وَجُنوبُهُم وَظُهورُهُم هـذا ما كَنَزتُم لِأَنفُسِكُم فَذوقوا ما كُنتُم تَكنِزونَ).[٥][٦]

أيُّها المسلمون، فلنحذر هذه النَّار الشَّديدة، فهي أعظم من نار الدُّنيا بأضعافٍ مضاعفةٍ، فلنتّقِّ الله حقَّ تقاته. فيا عباد الله، قد آمنّا وصدَّقنا بما أُهبط على نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- من القرآن وما فيه من الأحكام، فما هي الجدوى من كنز الممتلكات وحرم إخراج الزَّكاة؟! إذا كنّا لن نستطع تحمُّل نار الدُّنيا وحرِّها، فكيف سيتحمّل نار يوم القيامة من يكنز أمواله ولا يؤدّي حقّ الله سبحانه منها، فلنتّقِ الله يا عباد الله، ولنؤدّي ما إنفاذ الله علينا بنفسٍ طيِّبةٍ.[٦] ثمّ إن ذاك الحقُّ يعطيه الغنيُّ فرضاً لا منَّةً منه، أفاد الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).[٧]

معشر المسلمين، إنّ للزَّكاة المفروضة فوائد وأهمية عارمة تعود على كلٍّ من الشخص والمجتمع، معنويَّةً كانت أم ماديَّةً، فأما الفوائد العائدة على الواحد، فهي تطهِّر ذاته من البُّخل والشحِّ، وتعوِّده على الكَرَم والبذل والعطاء لغيره، وتزيد البركة في ثروة مُعطي الزَّكاة، وتحمي أمواله من اعتداء الآخرين أعلاها.