خطبة الجمعة القادمة للشيخ فوزي أبو زيد .. الحمدلله لله رب العالمين العفو الغفور، الرؤوف الرحيم، الشفوق العطوف، الحنان المنان الذى لايؤاخذنا بأعمالنا، ولا يحاسبنا على افعالنا بل يقابلها بمحض جوده وكرمه وغفرانه وهو أرحم الراحمين ..
سبحانه سبحانه .. نعصاه فيسترنا، وإذا رجعنا إليه تائبين أقال لنا عثرتنا وغفر لنا ذلاتنا لأنه عز وجل عفو كريم يحب العفو عن عباده .
خطبة الجمعة القادمة للشيخ فوزي أبو زيد
وأشهدأن لا إله الا الله وحده لاشريك، يحب من خلقه من كان على خلقه،
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، الذى أدّبه مولاه بما يحبه ويرضاه فكان نعم العبد الذى يتخلقّ بأخلاق مولاه ويسير على نهجه وهُداه حتى أفاد لنا فى حاله صلى الله عليه وسلمّ :
“وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” (القلم:4)
اللهم صلى وسلمّ وبارك على سيدنا محمد ذو الخُلق الهائل وآله وأصحابه الذين ساروا على نهجه القويم وانظمنا بصحبتهم فى تم عقده معيتهم بفضلك ومنّك وجودك يا حنان يا كريم ..
أما بعد فيا إخوانى ويا أحبابى :
يعتقد كثيرٌ من الناس أن العبادات الإسلامية التى عليها المكافأت الإلهية وبها دخول الجنان الرضوانية هى الدعاء والصيام والزكاة والحج وفقط ونقصد بذاك السنن من هذة العبادات ..، إلا أن ثمة عبادات أعظم فى الأجر والمكافأة من مواطن هذه العبادات، ومن سنن هذه المعاملات، وأعلاها حرص رسولكم الكريم دعوات الله وسلامه عليه، وبها أدّب أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، وهى عبادة النبيين وعبادة المرسلين
وهو خلق العفو والصفح ــ
وهل العفو عبادة ؟
نعم ــ لكن اعظم عبادة يُثاب فوقها المرء يوم مواجهة الله عزوجلّ،
لدرجة أن اول فوجٍ يدخل جنة الله يقول فيهم سيدنا النبي صلى الله عليه وسلمّ : ( لو أنه يوم القيامة يُنادى منادى الله عزوجلّ على أهل الميزة، صرحوا : يا رسول الله ومن أهل الميزة ؟ أفاد : العافين عن الناس، ويكونون وجوههم تتلألأ كالقمر فى ليلة التمام)رواه أبو يعلى مرفوعا)) فيكون أول فوجٍ يفرّ من الزحام ويدخلون الجنة بسلام كما أنبأ النبى الكريم صلوات الله وسلامه أعلاه
لماذا كان اهل العفو أوّل فوجٍ يدخل الجنة عقب النبيين والمرسلين ؟
لأن أول خُلقٍ تخلقّ به الأنبياء والمرسلين وأمرهم الله عزوجلّ أن يتخلقوّا به فى كل وقتٍ وحين هو العفو :
“فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الامْرِ” ( آل عمران: 159)
قضى الله حبيبه ومصطفاه بالعفو فتخلقّ بذاك الخلق الكريم فى كل أحواله وفى كل أحيانه،
حينما كان عليه الصلاة والسلام فى واحدة من الغزوات وانخفض المطر من السماء وإبتلتّ ثيابه بالماء، فذهب خلف شجرة وخلع ثيابه ووضعها فوق تلك الشجرة لتجّف واستلقى على ظهره تحتها فنام، والأعداء يتربصون بالمسلمين من فوق رؤوس الأنحاء الجبلية، فقال أحدهم ــ و قد كان قوى الكرب ـ أفاد هذه فرصة لن تلوح لكم مثلها بأي حال من الأحوالً، فمحمد نائمٌ بمفرده أسفل الشجرة وأصحابه قد إنفصلوا عنه وهبط إليه الرجلٌ ــ وقد كان صلى الله عليه وسلمّ نائماً ــ والعرب مع أنهم كانوا أهل جاهلية إلا انهم كانوا لايغدرون، ويعتبرون الغدر خُلقاً رديئاً سيئاً لايجب على الشجعان ولا الوجهاء ولا الأكفاء أن يفعلوه فلا يعتدى رجلٌ من ضمنهم على غيره سوى إذا كان فى مواجهته ــ
فلما وجده نائماً جذب سيف رسول الله صلى الله عليه وسلمّ من على الشجرة ثم أيقظه لأنهم لايقتلون غيلة، وقد كان يمكن له ان يقضى فوقه وهو نائم، لكنهم مع أنهم لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم ولم تنطق بالتوحيد ألسنتهم ــ إلا أنهم كانوا لايغدرون ويعتبرون من يغدر قد إرتكب ظلماً عظيماً وجرماً كبيراً ويشيع كلفه بين الناس أجمعين .
فأيقظه من نومه وصرح له : يا محمد من يمنعك منى هذه اللحظة ؟
صرح : الله ــ فشُلتّ يده وسقط السيف من يده فى الوضع، فأمسك صلى الله عليه وسلمّ بالسيف وتحدث له : ومن يمنعك منى حالا ؟
أفاد عفوك وحلمك وكرمك، أفاد : عفوت عنك ــ ( البيهقي في مؤشرات النبوة)
أتى ليقتله ومكنّه الله عزوجلّ منه لأنه هو العفو الذى جمّله الله بالعفو وتخلقّ بخلق العفو عفا عنه ــ وأيضاً من جملهم الله بالإيمان، وتابعوه فإن لهم المزيد .