مظاهر الاحتفال بعيد الحب في المملكة السعودية 2022 … تشهد السعودية بوادر انفتاح متواضع في ميدان الاختلاط والمواعدة الغرامية بين الجنسين، لكنها تظل محفوفة بالمخاطر في مجتمع محافظ يظل فيه التعارف خارج إطار الزواج مغامرة، واعتاد فيه رجال ممنهجة الموضوع بالمعروف والنهي عن المنكر طيلة أعوام الهجوم على بائعي الورود في عيد الحب.
مظاهر الاحتفال بعيد الحب في المملكة السعودية 2022
تعَود رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعوديون، قبل سنوات ضئيلة، أن ينقضوا على بائعي الورود الحمراء يوما ما عيد الحب. إلا أن المملكة صرت اليوم أكثر انفتاحا، حيث تشهد أعراف ناشئة في المواعدات الغرامية على الرغم من أنها محفوفة بالعراقيل والمخاطر.
لقد كان التعارف خارج إطار الزواج في تلك المملكة المحافظة تجسد خطوة خطرة جدا. وكان قليل من الشبان يجازفون بكتابة أرقام هواتفهم المحمولة على أوراق يضعونها على نوافذ سياراتهم على أمل التخابر مع فتيات. وطيلة عقود، شهدت المملكة منعا للاختلاط بين الذكور والبنات.
ويمثل الشبيبة بين عشرين و40 عاما نحو 40 في المئة من عدد سكان المملكة البالغ 20,7 مليون نسمة، على حسب الإحصاءات الحكومية للعام 2018. اليوم، تقلّصت إلى حد كبير صلاحيات تلك الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلمح اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، وصار الشبيبة والفتيات يلتقون في المقاهي والمطاعم علنا.
يبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر منصات التواصل الالكترونية وبخاصة “تويتر” و”سنابتشات” وتطبيقات مثل “سوورم” المختص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمي التطبيق، لكنها صارت تستخدم كثيرا ما لتنسيق المواقيت.
“كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المواد المخدرة”
يقول مخرج سينمائي سعودي شاب في مقتبل العمر لوكالة الأخبار الفرنسية فيما يجلس في مقهى يضج بالموسيقى في العاصمة السعودية الرياض مع صديقته “كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المخدرات” في المملكة العربية السعودية.
وتقول صديقته العاملة في مجال الإعلام “لم يكن من المحتمل التفكير من قبل في رؤية امرأة تجلس في مكان عام بجوار رجل لا تربطها به علاقة قرابة” .
وتتابع “الآن الإناث يطلبن من الرجال الخروج معهن”.
في بعض الأحيان، يضطر الشباب والشابات إلى كبت عواطفهم وعواطفهم والدخول في زيجات لا تقوم على الحب.
وتبدو إجراءات المواعدة السرية نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض، سعيا للحصول على كمية من الحريات الاجتماعية تتخطى قدرة شريحة واسعة من المجتمع على التفهم والقبول.
أسرار وأكاذيب لتجنب “الفضائح”
وكان وجّه سميرة (27 عاما) العاملة في مجال المصلحة المادية في الرياض، على وشك أن يفتضح حين عثرت أم صديقها على بطاقة مكتوبة بخط يدها قدمتها له عطية.
بين المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين الذين لم يكن قد مر على علاقتهما إلا قليل من أشهر، سيثير حنق عائلة سميرة ويعرض العلاقة للانهيار.
بل الصديق تمَكّن تفريق وبعثرة مراعاة أمه. وسداد الرهبة الشابين إلى الإعداد لمواعدة في دبي متذرعين بمسيرة عمل.
وتقول سميرة التي اختارت استعمال اسم مستعار كباقي من التقتهم وكالة المستجدات الفرنسية حول ذلك المسألة، “المجتمع السعودي بات أكثر انفتاحا بل الجميع يكذبون فيما يتعلق العلاقات لأن الناس يصدرون أحكاما”.
وأجرت المملكة تغييرات اجتماعية هائلة وإصلاحات اقتصادية يقودها وريث الحكم وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ سمح للنساء بقيادة السيارات وبدخول ملاعب الساحرة المستديرة كرة القدم. وأعيد فتح غرف السينما وسمح بإقامة حفلات غنائية صاخبة، ووضع حد لاعتراضات رجال دين على مناسبات مثل عيد الحب.
في الأماكن العامة، يمكن مشاهدة إناث ورجال جنبا إلى جنب. في حين شهدت عدد محدود من الإحتفاليات إناث رقصن، بعضهن من دون عباءاتهن وشعرهن مكشوف، مع الرجال، في الهواء الطلق.
لكن إذا كان دور أجهزة الأمن الدينية قد تقهقر في الشارع، فإن الرقابة الذاتية لم تتوقف في نطاق الأسر المملكة السعودية والمجتمع الذي لا يزال محافظا إلى حاجز ضخم.
تقول شابة سعودية في أواخر العشرينات من وجودها في الدنيا لوكالة الأنباء الفرنسية إنها تشتبه في أن شقيقها “المهووس بالسيطرة” والذي يعمل في الجيش أنه يستعمل برامج تجسس إلكترونية لتعقبها والتحقق من أنها لا تواعد رجالا.
وتقول نور التي تعمل في ميدان الإنماء الاجتماعية “الشباب السعودي معلق بين البالي والعصري”. وتتابع “استعدادي للمواعدة لا يقصد أنني مستعدة للقيام بما هو أكثر”.
“المواعدة مليئة بالمخاطر”
ولا تزال مزاولة الجنس خارج إطار الزواج جناية جنائية في معظم دول الوطن العربي، وتغذي القيود المفروضة على السيدات خطور تعرضهن للابتزاز.
وتظهر سميرة “الموضوع أصل إرتباك عارم، إذ تم الانفصال دون تراض”.
وتضيف “تعيش السيدات في هلع: ماذا لو وقف على قدميه (صاحبي) بتسجيل صور وفيديوهات لي؟ ماذا لو أخبر أبوي؟ ماذا لو جاء إلى بيتنا؟”.
ويروي المستوظف في قطاع الدعايات ناصر (25 عاما) أن واحد من أصدقائه أوقف العام المنصرم لتقبيله صديقته في مكان مخصص للعائلات ذات واحد من مطاعم العاصمة السعودية الرياض. وقام مدير المطعم بتصويرهما وهو يرفع صوته بحنق “ذلك حرام”.
ويواصل الشاب “المواعدة ممتلئة بالمخاطر” في السعودية، مضيفا “من وقت لآخر، يكون الموضع الأوحد الآمن هو سيارتك” في مكان بعيد عن الأبصار.
إلا أن رغم التغيرات الاجتماعية، توجد الصلات ما قبل الزواج بمثابة حقل ألغام في بلد يطبق الشريعة الإسلامية ويشرف فيه الرجال على اختيار الأزواج لبناتهم وقريباتهم.