منصة السفر عبر جسر الملك حسين تفاصيل جديدة .. منذ أول الأجازة المدرسية الصيفية في الضفة الغربية حزيران الماضي تتجهز عبير (46 عامًا) للسفر من قلقيلية في الضفة إلى عمّان، وتتحضّر للاستحواذ على إخطارٍ عبر المنصة الرسمية الأردنية (visitjordan) التي فعّلتها إدارة الدولة تشرين أول المنصرم لتنظيم الدخول إلى الأردن وإجراء فحوصات كورونا على المعابر البرية.

منصة السفر عبر جسر الملك حسين تفاصيل جديدة

تحمل عبير الجنسية الأردنية وهي متزوجة وتعيش في الضفة الغربية، وكانت تنتظر الإجازة المدرسية لتزور والديها في سادّان بمعية زوجها وأولادها وبناتها الأربعة، وذلك بعدما منعتهم الأوضاع النقدية من زيارتهم طوال السنين الأربعة السابقة. كما كانت تعتزم تشطيب عقديْ قِران ابنتيها المؤجلين من عامٍ ونصف حيث عُقدت خطبتهنّ على شابين في مملكة الأردن عبر الإنترنت طوال كارثة Covid 19.

ولكي تتمكن العائلة من الدخول إلى مملكة الأردن، كان عليهم حراسة تكليفات السفر التي ازدادت خلال الآفة نظرًا لاشتراط إجراء فحصيْ كورونا؛ أحدهما داخل الضفة بثمن عشرين دينارًا، والآخر لجميع الراحلين على المعابر الأردنية بتكلفة 28 دينارًا.

إضافة إلى ذلك ذلك، كان عليهم التسجيل على منصة السفر الرسمية، والتي يتم فتحها يوم الثلاثاء من كل أسبوع لـ 7 آلافٍ من الراغبين بالقدوم إلى مملكة الأردن من الضفة، أي بمعدل ألف نازحٍ متكرر كل يومًا على حسب السقف الذي قام بتحديده مملكة الأردن، وما إن يكتمل العدد حتى تُسد المنصة تلقائيًا، وهو الذي يستغرق دقائق فقط في وجود الإقبال الضخم على السفر إلى المملكة الأردنية الهاشمية صيفًا.

ونظرًا لضيق الدهر المتاح للتحاق، فقد وزعت عبير نسخًا من الأوراق المطلوبة لتسجيل عائلتها على ثلاثة من أقربائها في عمّان، ممن عندهم علم بالتقنية واتصال جيّد بالإنترنت، للتداول مع المنبر ومتطلباتها. لكنهم لم ينجحوا يوم الثلاثاء السابق إلا بتسجيل ابنتيْن فحسب، فأصبحت العائلة ملزمة بانتظار الثلاثاء الآتي لتسجيل باقي شخصيات الأسرة، أو إزالة السفر تمامًا.

ينسحب حال عبير على عديدٍ من الراغبين بالسفر من الضفة إلى دولة الأردن، سواء من الفلسطينيين أو الأردنيين الذين يحملون الهوية الفلسطينية وكانوا في زيارة للضفة، لكن الاشتراك على المنصة يعيق مخططاتهم في السفر ويحمّلهم أتعاب مادية ونفسية، بحسب ما قاله عدد من بينهم

وبيّن قسم الجودة في هيئة أمن الجسور لـ«حبر» أن الدرجة والمعيار القائم للقادمين عبر قنطرة الملك حسين يبلغ إلى صوب 1800 مسافرٍ متكرر كل يومًا، 1000 من ضمنهم يسجلون على المنصة، في حين يعبر البقية دولة الأردن بهدف السفر إلى الخارج إذ ينهي نقلهم فوراً إلى مهبط الطائرات دون الاحتياج للانضمام على المنبر، وهو الذي ينطبق أيضا على الحالات الآدمية والطارئة إذ ينهي تنسيق دخولها مع الجهات الأصلية بلا المنبر. ويُشار إلى أن قدر القادمين من الضفة إلى الأردن قبل المصيبة بلغ حوالي ستة آلاف نازح يوميًّا، وفق هيئة أمن الجسور، وقد كان العدد يتخطى 15 ألف مغتربٍ متكرر كل يومًّا طوال سيزون فريضة الحج وفصول الصيف.

 

كيف تدار المنصة

أخذت وفاء (44 عامًا) عطلة من عملها الثلاثاء السابق، وهي إحدى أقرباء عبير الثلاثة الذين طلبت مساعدتهم للتحاق على المنبر. حرصت وفاء على إبقاء ابنتها ذات السنين الثلاثة نائمة تحريمًا لأي بلبلة قد تؤخر الالتحاق، كما جددت اشتراك الشبكة العنكبوتية وتأكدت من مخزون بطاقة الدفع الإلكتروني، ثم جلست منذ التاسعة غداةًا بانتظار فتح الالتحاق على المنبر. لدى الـ12 وضحًا، أتيح الالتحاق للقادمين من كوبري الملك حسين لما لا يزيد عن 17 دقيقة تقريبًا، لم تتمكن إخلاص خلالها من إنهاء تسجيل أي من الطلبات.

يتطلّب الالتحاق تعبئة بيانات الراغب بالسفر إلى دولة الأردن، يليها إدخال نموزجٍ يبلغ إلى رقم هاتف أردني من أجل متابعة تحميل الخانات، ثم الدفع الإلكتروني لتحليل كوفيد 19 لصالح السُّلطة الأردنية (28 دينارًا). بعدها يحصل النازح على رمزٍ أجدد (QR code) لإظهاره على الجسر لدى السفر، وغير ممكن دخول المملكة الأردنية الهاشمية دون هذا الرمز وفق اشتراطات المنصة.

تقول وفاء إنها لم تستطع التسجيل جراء تأخر وصول الرمز المرغوب على رقم التليفون، ما تسبب بإقفال المنصة قبل إنهاء الالتحاق، «كانت مكابدة وخيبة أمل (..) أصبحت ألوم بحالي على إِشي مش ذنبي» تقول وفاء، واصفةً محاولتها التسجيل على المنبر بـ«الصعبة».

حالَما أفصحت السُّلطة عن تنشيط المنبر، أفاد مازن الفراية، مدير نشاطات خلية محنة كوفيد 19 حينها، ووزير الداخلية الآن، إن المختبرات التي تجري الفحوصات على المعابر الحدودية بحسب البروتوكولات الصحية لها طاقة استيعابية محددة يشطب ضبطها عن طريق المنبر.

منذ تفعيل المنبر حتى بداية العام القائم واصلت أعداد القادمين إلى المملكة الأردنية الهاشمية عبر قنطرة الملك حسين محصورة بنحو 150 مرتحلًا، ولم يكن الشغل على المنبر منتظمًا. ثم انتقلت في مارس السالف مصلحة منصات السفر البري من المركز الوطني للأمن وإدارة الظروف الحرجة إلى وزارتي الداخلية والنقل، على حسب أحمد النعيمات مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز.

المعدّل القائم للقادمين عبر قنطرة الملك حسين يصل إلى نحو 1800 مرتحلٍ متكرر كل يومًا، ألف منهم يسجلون على المنبر، في حين كان قبل الجائحة حوالي ستة آلاف مهاجر يوميًّا، وأكثر من 15 ألف مرتحلٍ متكرر كل يومًّا طوال سيزون شعيرة الحج وفصول الصيف.

بل مصدرًا -فضّل عدم ذكر اسمه- بوزارة الداخلية لفت حتّى جهات وافرة تأخذ دورا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمنصة. وأرسلت «حبر» أسئلتها حول آلية عمل المنبر، وحافز استمرار الجهد بها على الرغم من رفع معظم الأعمال المرتبطة بكورونا، والموعد المتوقع لإلغائها، لكن لم تتلق «حبر» أي إجابات.

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الفلسطينية في حزيران الماضي عن تواصلها مع دولة الأردن من أجل إزالة المنبر نظرًا لصعوبة التسجيل أعلاها وتتسبب فيها بتزايد تكليفات السفر. وقال وقتها المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني، أحمد الديك، إن المملكة الأردنية الهاشمية وعد بإلغاء المنصة.

ويقول ساطع عبد الهادي، مدير الشؤون السفارة والإدارية في القنصلية الفلسطينية بعمّان، لـ«حبر» إن الهدف من استمرار الشغل في المنصة هو تنظيم «عدد القادمين بما يصون السلامة العامة للمواطنين والعاملين على المعبر»، مضيفًا أنه يجري التعاون مع دولة الأردن في الحالات الطارئة للمسافرين، كوفاة واحد من الأقرباء من الدرجة الأولى، أو هذه التي «يثبت ضرورة قدومها للأردن من أجل تعاملات لا تحتمل التأخير». وبحسب ما يوجد يملك حتى حاليا من بيانات فإنه «لا يبقى محو للمنصة البرية على العموم».

يرى النائب محمد الظهراوي، رئيس لجنة فلسطين النيابية، أن المنبر حمّلت أفراد الرحلة أعباء عظيمة، خصوصًا أن لهم روابط اجتماعية وأساسيات معيشية تستدعي التنقل متعجلًا بين الضفة والأردن، قائلًا لـ«حبر» إنه طالب وزارتي الداخلية والخارجية بإلغاء المنصة.