هل ياتى شهر فبراير 29 يوم … السبب هو شهر شباط/فبراير. باعتبار أن سنة 2016 هي سنة كبيسة، فإن شهر فبراير/فبراير يكون فيها أطول من المعتاد، إذ يصل عدد أيامه 29 يوماً. و إلا أن هل تساءلت: لمَ يعمل التصحيح بهذا الشكل؟
هل ياتى شهر فبراير 29 يوم
حسنا، للموضوع رابطة بدوران الأرض بشأن الشمس (أو بدوران الشمس بشأن الأرض، في المرحلة الماضية لنظرية كوبرنيكوس . يبلغ عدد أيام السنة العادية 365 يوماً، ولكنّ المرحلة التي تستغرقها الارض في الدوران بخصوص الشمس هي إلى حد ما ¼365 يوم. ولذا يشير إلى أنه إن لم تكن ثمة سنة كبيسة، فإن فصول السنة ستتأخر عن موعدها يوما واحدا كل أربع سنين إلى حد ما، فعلى سبيل المثال سيأتي فصل الربيع بوقت متآخر عن المعتاد في التصحيح مع مرور السنين.
لحل تلك الإشكالية، قام الزعيم الروماني يوليوس قيصر Julius Caesar – استناداً إلى نصيحة عالم الرياضيات سوسيجينس Sosigenes- بتصليح التنقيح في عام 46 قبل الميلاد، بحيث أنه في أعقاب كل ثلاث سنوات طولها 365 يوما لكل واحدة، يكون طول السنة الرابعة 366 يوما.
كانت التقويمات ذات الـ 365 يوما مستخدمة في بلاد الجواد ومصرفي هذا الزمن، وقد عانت من نفوذ تآخّر ميعاد الفصول نتيجة لـ التضارب بين التصحيح والسنة الشمسية. أما الرومان فكان عندهم في مرحلة سابقة منظومة أكثر تعقيدا ساعدهم على تجنب هذه المتشكلة: حيث أنهم أحدثوا تناوباً بين السنين التي يصل طولها 355 يوما وبين سنين تشتمل على شهر إضافي مكون من 22 أو 23 يوما. ومن الممكن أن يكون ذلك النظام ساعدهم في إحراز تزامن بين تقويمهم وبين مواقيت الفصول، غير أن يجب الآخذ بعين الاعتبار أن تلك التصاعُدات لم تكن باستمرار منتظمة؛ لأنها كانت محددة من قبل الكهنة الذين كان لديهم من وقت لآخر عوامل سياسية لتقصير أو إطالة السنة.
طول العام هو إلى حد ما الزمان الذي تستغرقه الأرض (الكوكب الثالث من الوسط) للدوران بخصوص الشمس مرة واحدة. (الأصل: NASA / JPL).
أدى ابتكار قيصر إلى ظهور تغيير يسمي بالتقويم اليولياني (Julian calendar) يستند إلى رأي مفادها أنّ كل أربع سنوات تتضمّن سنة كبيسة يكون فيها يوم إضافي، وكان ذلك الموضوع يتفق، إلى حاجز معقول، مع الحركة الظاهرية للشمس علي الدومين القصير. غير أن السنة الشمسية – الدهر بين الاعتدالات الربيعية المتعاقبة – هي على أرض الواقع أقصر بشكل بسيط من ¼365 يوم، لذا، وبعد مضي آلاف السنوات، فإن الفصول التي تقاس بالتصحيح ستبدأ بوقت أبكر قليلاً مما هي فوق منه في الواقع. فبحلول القرن السادس كان ذاك الاختلاف، الذي بلغ حاليا إلى عشرة أيام، واضحا جدا.
وقد ترتب على ذلك المسألة نتائج ملموسة: إذ استخدمت بعض الطوائف الكنسية ميعاد الاعتدال الربيعي (الذي تحدده الشمس) لحساب تاريخ عيد الفصح، في حين أن كنيسة روما تستخدم 25 آذار (حسب التقويم) في حسابتها، وعليه كانت نتيجة انحراف التعديل هي عدم احتفال المسيحين بأسلوب موحد بعيد الفصح.
ولمعالجة تلك المتشكلة أجدد البابا غريغوريوس الـ3 عشر Pope Gregory XIII عام 1582 وافرة تغييرات في التقويم بهدف إصلاحه، فبدلاً من أن يكون العام الـ4 سنة كبيسة، فإن السنوات المئوية (المئة و مضاعافتها) يجب أن تكون قابلة للقسمة على أربعمائة حتى تجسد أعوام كبيسة. و بهذه الطريقة اصبح العام في التغيير 365.2425 يوم عوضا عن من 365.25 يوم أي بقدر تعديل 0.002٪، الأمر الذي جعل السنة في التصحيح أقرب إلى السنة الشمسية.
التقويم الغريغوري
اعتُمد التعديل الغريغوري الجديد في الدول الخاضعة لحكم البابا ولذا بإضافة 10 أيام إلى الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1582م، بحيث يصبح تاريخ الجمعة هو 15 تشرين الأول/أكتوبر، وهكذا حُذفت 10 أيام من سنة 1582. وأثناء ذلك الحدث، توفيت الزاهدة الإسبانية سانت تريزا Saint Teresa من مدينة أفيلا Avila في هذه الليلة، فكان السؤال هنا: هل توفيت قبل منتصف الليل في 4 تشرين الأول، أم غداة يوم 15 تشرين الأول!.
كانت البلاد والمدن البروتستانتية ملتزمة باستعمال التقويم اليولياني لبعض الوقت. فطلبت ملكة إنجلترا إليزابيث Elizabeth من عالم الرياضيات جون دي John Dee تقديم المشورة بما يختص صيانة التغيير، فاقترح أعلاها حلا مختلفا هو حذف أحد عشر يوما عوضا عن عشرة أيام مثلما هو متبع في التنقيح الغريغوري . ولم تعتمد المملكة المتحدة التصحيح الغريغوري إلا في عام 1752، بحيث تمت إضافة 11 يوماً إلى يوم يوم الأربعاء الواقع بتاريخ 2 سبتمبر/سبتمبر، ليغدو بهذا تاريخ الخميس هو 14 سبتمبر/أيلول.
جعلت عملية الاستغناء عن أحد عشر يوما من السنة التعديل الإنجليزي متوافقاً مع التغيير الغريغوري المستعمل في قارة أوروبا. وبينما أن الولايات البابوية حذفت عشرة أيام فحسب من السنة، فإن ذاك التباين ازداد إلى 11 يوما بحلول عام 1752، وذلك لأنّ عام 1700 هو سنة كبيسة في التغيير اليولياني، إلا أنّه ليس كذلك في التغيير الغريغوري.
كان التعديل الإنجليزي بين عامي 1582 و 1752 متأخراً عن التغيير المستعمل في الدول الكاثوليكية. فمثال على ذلك، مات اثنان من كبار الأدباء في الزمان الماضي وهما ميغيل دي ثيربانتس Miguel de Cervantes و وليم شكسبير William Shakespeare ذات يوم 23 أبريل/نيسان من سنة 1616، إلا أن بما ان ثيربانتس في إسبانيا الكاثوليكية التي رصد التصحيح الميلادي، فإنه وافته المنية قبل عشرة أيام من شكسبير الذي تم إلحاق موته تبعا للتصحيح اليولياني