اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2022 بالمغرب …خلد العالم اليوم الدولي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف عشرين فبراير / شباط من سنويا طبقا لقرار سالف للأمم المتحدة.
العدالة الاجتماعية هي محصلة نسق من الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية النافعة إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع في أفق إنشاء هذا المجتمع الذي تسود فيه العدالة في مختلَف مناحيه، مقابل انحصارها في عدالة الدستور فقط.

 

اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2022 بالمغرب

إن العدالة الاجتماعية لا تنحصر في التقسيم العادل للثروة بين سائر أنواع المجتمع وتحقيق الاستفادة من خيرات المجتمع بين الجميع، غير أنها هذا الشعور بالكرامة الإنسانية، ذاك الإحساس بالآدمية، والبشرية تقترن – حتما – بالكرامة. قال إيتي: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم عن طريق البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا».
العدالة الاجتماعية هي محور الرسالات السماوية والنظريات الفلسفية والأدبيات الفكرية المختلفة. فخاتمة الرسالات السماوية وهي رسالة الإسلام الخالدة، هي في جوهرها نضال بهدف الإنصاف والتضامن والتزام الأثرياء بتطبيق حقوق المتعسرين، واستقلال المرأة وتحقيق المساواة والاهتمام باليتيم والمسكين والأسير: «ويطعمون التغذية على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا».
إن ما يراه العالم اليوم من قلاقِل سياسية واقتصادية واجتماعية ومخاطر بيئية جمة، أثرت بأسلوب محسوس على أمن واستقرار الأشخاص والجماعات وعصفت بإمكانيات العيش المشترك في مجموعة من البلاد والمدن. وارتفع الوضع تفاقما تزايد الجرائم العابرة للقارات كالإرهاب والاتجار في الإنس والتلوث وتجارة المواد المخدرة وزيادة أعداد المهاجرين من طالبي الحراسة هربا من الحروب ومن ضيق الاحتياج وانعدام الاستقرار وتضاؤل فرص الجهد.
كل تلك الأسباب تحذر بانسداد الآفاق وتستدعي التعاون والتنسيق الفعّال بين الدول والحكومات والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمنظمات المدنية الغير حكومية من أجل تحصين المكتسبات التي راكمتها الإنسانية منذ نشر وترويج ميثاق سان فرانسيسكو المؤسس للأمم المتحدة سنة 1945، وفي أفق بلورة فكرة مشترك وناجع لتدبير الأزمات وتعزيز المؤازرة الدولي للتنمية.
إن ذاك التحدي يفرض أولا على الدول والحكومات بلورة سياسات عمومية وطنية تناسب إشكاليتها المحلية، وتأمل للتعاون العالمي من منطلقات قوية.
اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية هو إمكانية لمساءلة الشركات الدولية والإقليمية والوطنية حول رصيد جهودها في تعزيز الشدة الاجتماعي في نطاق البلدان، وفي ما بينها ومدى قدرتها على وحط سياسات اجتماعية منصفة وآليات شرعية نافذة ترتكز على إلزامية تأمين الولوج للمواطنين والمواطنات للاستفادة من الحقوق اللازمة، خاصة التعليم والصحة والتشغيل والسكن اللائق، في أفق تحري الدمج الاجتماعي وتوفير الحماية الاجتماعية خاصة فيما يتعلق للفئات الأكثر احتياجا.
إلى أي حاجز تتوافر بلداننا على عدالة توزيعية وضريبية منصفة، خاصة على نطاق إرجاع توزيع الدخول وكيفية تقسيم الأتعاب الضريبية وحماية الخدمات الاجتماعية اللازمة للعيش بكرامة وخلق فرص الجهد الأساسية لامتصاص البطالة؟
أليس من مسؤوليتنا كدول ومجتمعات المجهود على إصلاح وتطوير شبكات التضامن الاجتماعي الكلاسيكي القائم على مركزية الأسرة في الهرم الاجتماعي وتطوير مضامين الإحسان والتضامن والتكافل العائلي والعناية بالفئات الهشة من متعسرين ومساكين ومحرومين وعابري سبيل، واهتمام تلك القيم في دراية الناشئة على يد مؤسسات التنشئة الاجتماعية وعن طريق مناهج التعليم والتربية؟
ثمة العدد الكبير من الإشكالات التي تفرض نفسها لمساءلة ظرف العجز والضعف التي وصلت إليها الآليات المؤسساتية المختصة بالتماسك الاجتماعي والعدالة التوزيعية لنتائج الإزدهار الاستثماري في أفق وضع منظومة للعدالة الاجتماعية مؤثرة ومنصفة ومستدامة، يساهم فيها الجميع من منطلق الإيمان العميق بمفاهيم الكرامة والعيش المشترك والعدالة الاجتماعية.