عيد الاستقلال تونس 20 مارس .. لم إستلم تونس -كغيرها من البلدان الإسلامية- في أواخر القرن التاسع عشر من أطماع دول أوروبا و أمريكا، والتي تقاسمتها القوى العُظمى حينئذ، لتغدو تونس من نصيب المستعمر الفرنسي الذي تأدية الحصة الكبرى من المقر العربية في أفريقيا، حيث ساد على جميع أقاليم شمال في غرب أفريقيا إلى حاجز ماً.

عيد الاستقلال تونس 20 مارس

عملت البلد الفرنسية على توسيع نفوذها الاستعماري في الكوكب، فلم تكتف باحتلال جمهورية جمهورية الجزائر، لكن وجَّهت أنظارها باتجاه تونس، وبادرت إلى توقيع اتفاقية (باردو) مع الباي التونسي “محمد الصادق” في 12 أيار/ مايو عام 1881م، التي فَرَضَت بموجبها حمايتها على تونس.

في وقت لاحقً وفي عام 1883م، وقَّع أخوه ووريثه “علي باي” اتفاقيّة (المرسى)، والتي زادت من السيطرة الفرنسية على تونس، بعد أن استتبَّ الأمن وتراجعت حركة المقاومة.

المقاومة التونسية للاحتلال:

عملت دولة فرنسا على تحويل حمايتها على تونس باطراد منذ عام 1881م لاستعمارٍ جليٍ ومُشرع في عانت طواله البلاد من التقهقر السياسي، ونُهِبت خيراتها وثرواتها، وقدَّمت عدداً كبيراً من الشهداء على مرِّ السنوات، إذ استطاعت السلطات الفرنسية في جميعَّ مرةٍ إخماد أيِّ مظهرٍ من أشكال الصمود، مُعتمدةً على سياسة الاغتيال والاعتقال والنفي.

وتجسَّدت المقاومة في عددٍ من الثورات، مثل الثورة التي اندلعت في بداية الثمانينيات من القرن الـ9 عشر، حيث اشتعلت ثورة الجهاد المُقدَّس في الشمال التونسي نظيرَّ المحتل الفرنسي، وقد كانت الثورة التونسية الأولى شبيهةً بالثورات القبلية التي لا تجد دعماً كافياً إلَّا في مرابع البدو

إذ تتواجد المناطق الجبلية وشعابها وكهوفها ومخابئها التي تحمي المقاتلين عند محاولة الاجتياح البري أو طلعات الهجوم الجوي، في حين تنشط في المدن الحركات السياسية الشبابية بواسطة الخروج في مسيراتٍ للمطالبة بالحقوق التي سُلِبَت من الشعب ومنحت للمستعمرين الفرنسيين، لتضعف بذلك حركة المقاومة المسلحة، وتتضاءل صارّجاه أنحاء الجنوب الشرقي التونسي حيث الأرياف والقبائل البدوية.

ونتيجة الظروف الماضية، لم يجد التونسيون أمامهم في نهاية عشرينيات القرن العشرين إلَّا النضال بطريقةٍ سلميٍّ مَدَنيٍّ في المدن بعد أن أُخمِدَت روح المقاومة، فلجأوا إلى الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية والصحافة المحلية، وتحوَّل النضال في مقابلةَّ المستعمر إلى مسيراتٍ شهرةٍ وإضراباتٍ عمَّالية، إلى أن اندلعت الحرب العالمية الثانية.

انشغلت الدولة الفرنسية مع اندلاع الحرب العالمية بمقاومة احتلالها الداخلي والحرب على الاحتلال النازي، ما أدَّى إلى ضعف سيطرتها التطلع في تونس وإنهاك جيشها، الشأن الذي تم منحه الثوَّار الإمكانية لإرجاع مركز صفوفهم من جديد، وتوفير حماية العديد من الأسلحة، وتأدية العدد الكبير من الأعمال النوعية في مواجهةَّ الفرنسيين، وفريضة إحكام القبضة على يسير من مواقعهم.

في المُإجتمع، رجع الصوت السياسي عقب اختتام المعركة العالمية ليمتطي مرَّةً أُخرى على صوت البندقية، من خلال عدد محدود من الأحزاب السياسية والحكومة التونسية التي كانت في خضم مفاوضاتٍ مع الفرنسيين لنيل يسير من الحقوق؛ وقد اتحد المناضلون التونسيون رسميَّاً في حين بينهم مع رفض دولة الجمهورية الفرنسية مطالبهم، ما أدَّى إلى اندلاع الثورة الكُبرى (1952م-1954م)، والتي تُعدُّ مدةً حاسمةً في تاريخ الحراك الوطني، أَنهَكَ طوالها الثوَّار المستعمر الفرنسي في كلِّ بقعةٍ من بقاع تونس.

لم يبقَ أمام دولة فرنسا إلَّا الرضوخ إلى الشأن الواقع والاستجابة للمطالب التونسية، لتنطلق حتى الآن هذا المفاوضات لمنح تونس استقلالها الداخلي، ولذا عقب وصول “منداس فرانس” لرئاسة الحكومة الفرنسية؛ وقد قرَّرت البلد الفرنسية بالفعلً الالتزام باستقلال تونس الداخلي الذي كانت وعدت به من قبل ثمَّ أخلفت وعدها، وأعلنت عن ذاك بأسلوبٍ رسميٍّ في تموز/ يوليو عام 1954م.