خطبة الجمعة القادمة للدكتور عبدالناصر بليح … الحمد للهِ العليمِ الشكورِ، مقلبِ الأزمانِ والدهورِ، ومغيرِ الأيامِ والأشهُرِ،الشكرُ للهِ القائلِ في محكمِ تخزين الملفِ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور))الملك:15وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، ولي الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ مثلما في كلمةِ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ أعلاه وسلم- قَالَ : التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ (( رَوَاهُ الترمذي، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ على مسكِ الختامِ، وخيرِ مَن صلَّى وصام، وتابَ وأنابَ، ووقفَ بالمشعرِ،وطافَ بالمنزلِ الحرامِ،، وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، لمباتِ الظلامِ، خيرِ تلك الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزام.
خطبة الجمعة القادمة للدكتور عبدالناصر بليح
أمَّا عقبُ: فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوىَ العزيزِ الغفارِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:(( البائعُ الأمينُ)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولًا: شتانَ شتانَ بينَ أصحاب محلاتِ الطوارئِ وبينَ أصحاب تجارةِ الرحمات.
ثانيــــًا : مميزاتُ صاحب المتجرِ المسلمِ .
ثالثًا وأخيرًا: احذرْ أيُّها صاحب التجارةُ قبلَ فواتِ الأوان.
أيُّها السادةُ : مطلعً ما أحوجَنَا في تلك الدقائقِ المعدودةِ حتّىْ يكونَ حديثُنَا عن التاجرِ الأمينِ وخاصةً ونحن نعيشُ في زمنِ الطوارئِ الماليةِ والاقتصاديةِ الرهيبةِ في الدنياِ كلِّهِ،وخصوصاً هناك أصحاب محلاتُ الظروف الحرجةِ يستغلونَ مطلبَ الناسِ فكثرَ الجشعُ والطمعُ والاستغلالُ ولا بشأنَ ولا قوةَ سوى باللهِ
وبشكل خاصً وأنَّ تجارَ اليومِ إلا ما رحمَ اللهُ قد ماتَ إحساسُهُم، ودُفنتْ مشاعرهُم وقلَّ إيمانُهُم، ونسُوا ربَّهُم، ولا عليهم أنْ يموتَ الناسُ جوعًا، ولا يبالونَ بغلوِّ العيشِ الذي يعصرُ الناسُ عصرًا، ولا يتألمونَ للحاجةِ التي أرهقتْ مضاجعَ الناسِ فى سكون الليلِ، وأرهقتهُم في فترة النهارِ، هم أصحاب محلاتُ حروبٍ وأزماتِ، لا تهمُّهُم سوى أنفسهُم ولا بما يختصَ ولا قوةَ سوى باللهِ، وبشكل خاصً و التجارةُ من الدخلِ الشرعيِ الذي أمرنَا بهِ دينُنَا الحنيفُ واعتبرَهَا مِن الأماناتِ التي أوصَي الإسلامُ بحفظِهَا لذلك كان حوارُنَا عن صاحب التجارةِ الأمينِ في الإسلامِ.
العنصر الاول من كلام الجمعة المقبلة
أولًا: شتانَ شتانَ بينَ أصحاب متاجرِ الطوارئِ وبينَ بائعينِ الرحمات.
أيُّها السادةُ: مِن الواضحِ أنَّ طلبَ الحلالِ مِن الرزقِ لازمٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ، وأنّ ابتغاءَ الثروةِ الطيبِ ضرورةٌ لاستقامةِ الحياةِ الاجتماعيةِ واستقرارِهَا، وأنّ مناشدةَ المعيشةِ والتكسّبِ مِن أكثر أهميةِّ الأمورِ التي تشجيعَّنَا عليها دينُنَا الحنيفُ، لهذا كلفَنَا بالذهاب للخارجِ في إلتماسِ الرزق
أفاد جلَّ وعلا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا [النبأ:11]، أفاد جلَّ وعلاعَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المزمل:20]. ومِمَّا لاشكَّ فيهِ أنَّ التجارةَ مِن المهنِ التي يُمارِسُهَا الناسُ منذُ القدمِ، لغرضِ التكسبِ والحصولِ على الرزقِ المشروعِ، وهي مِن أجودِ أساليبِ الكسبِ وأشرفِهَا، وفي الأثرِ ))
تسعةُ أعشارِ الرزقِ في التجارةِ((فقد امتنَّ اللهُ إيتي على قريشٍ، وأوضحَ مظاهراتِهِم التجاريةِ التي يقومونَ بِها إلى دولة اليمنِ والشامِ، فقالَ جلَّ في عُلاه: لإِيلافِ قُرَيْشٍ , إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ [قريش:1، 2] ونَهَى اللهُ جلَّ وعلا المؤمنينَ عن قوتِ الممتلكاتِ بالباطل
واستثنَى ثروةَ التجارةِ، فقالَ جلَّ وعلا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29].
فأباحَ سبحانهُ وتعالى الدخلَ الحاصلَ مِن البيعِ والشراءِ الذي يشطبُّ عن تراضٍ بينَ صاحب التجارةِ والمُشترِي، ولأهميةِ التجارةِ فإنَّ اللهَ تعالى أذنَ بها حتى هذه اللحظةَ تطبيقِ صلاةِ الجمعةِ، وتحميسَّ على الانتشارِ لطلبِ الرزقِ، أفاد جلَّ وعلا فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10]. إلا أنَّهَا التجارةُ الشرعيُ إلا أنَّها التجارةُ الرابحةُ بلَّها التجارةُ التي لا غشَّ فيها ولا تدليسَ ولا كذبَ ولا احتكارَ ولا طمعَ ولا استغلالَ ولا ربَا.