المرشحين للانتخابات اللبنانية 2022 في بيروت .. يقيم لبنان أجواء انتخابات، يطمح كثيرون أن تحمل معها تغييرا سياسيا في الدولة الذي يتجاوز بحالة حرجة اقتصادية وسياسية خانقة. ويتمنى معارضون مستقلون في كسر احتكار النخب السياسية الكلاسيكية للسلطة، من أجل إحداث التغيير المنشود.

المرشحين للانتخابات اللبنانية 2022 في بيروت

في الـ 15 من شهر أيار/ مايو الحاضر، سوف يتم انتخاب برلمان حديث في لبنان. وتلك أول انتخابات منذ احتجاجات أكتوبر/ أكتوبر 2019 والانفجار الكبير في مرفأ بيروت الذي بخصوص أجزاء من المدينة إلى أنقاض وأودى بحياة مئات الشخصيات.

وعن أهمية هذه الانتخابات تؤكد الطبيبة اللبنانية أمل ناصر الدين لـ DW أن “هذا الاختيار هام للغاية بالنسبة لنا” وتبدو السيدة البالغة من السن 38 عاما، أنها كانت تدلي كثيرا ما بورقة بيضاء في الانتخابات الماضية

حيث أنه كان واضحا لها أن “النخبة السياسية الفاسدة سيعاد انتخابها”. بيد أن هذه المرة تتمنى الطبيبة أن يكون الشأن مختلفا في تلك الانتخابات، فهذه الجولة الانتخابية هي “الأمل الأخير لبداية تحويل سياسي”.

تسكن أمل ناصر الدين على حتى الآن نحو ثلث ساعة بالسيارة جنوب العاصمة بيروت. إضافة إلى ذلك الجنسية اللبنانية، تحمل الجنسية الأمريكية أيضا. وهي لا تريد مغادرة البلاد مع زوجها وأطفالها.

لكنها تود أن يمكن له المرء تأمين حاجاته اللازمة وعيش كريم في الدولة الذي اختارته. لقد وقفت على قدميها الطبقة السياسية القديمة ومؤيدوها بسرقة البلاد، وهم حاليا غير بِاستطاعتهم أن إرجاع إحياء الاستثمار المدمر.

وقد دفع ذاك المواطن روعة دلال إلى الترشح في الانتخابات الحالية ويقول “أشعر أنه من واجبي أن أدافع عن بلدي وأن أدافع عن مواطنيه. نحن جميعا نعاني من أزمة اقتصادية ومحنة عارمة في التعليم والصحة”.

وإلى منحى رفاق مستقلين آخرين أسهَم جمال دلال ايضاً في الاحتجاجات الهادمة للحكومة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، على أمل أن يتحول شيء ما سياسيا. وتحدث “نريد أن نستمر على ممرات ثورة تشرين الأول، وأن ندافع عن حقوق الإنسان والكرامة الآدمية. ونود أن نعطي المعدمين والمهمشين في هذا البلد صوتا في البرلمان”.

ويعمل حُسن دلال معلما، لهذا يحكم يومه في أعقاب التدريس في الانتقال من منزل إلى منزل ويتلاقى بالمواطنين ليعرض برنامجه الانتخابي. إنه متأكد من أن الناس يودون التغيير ويحتاجون إليه.

الاقتصاد في الحقيقة

والواقع أن فهرس النخبة السياسية في لبنان كارثي. وتمر البلاد بأزمة اقتصادية مدمرة نتيجة لـ سوء الإدارة والفساد: خسر فقدت العملة 90 بالمائة من سعرها، الأمر الذي أسفر عن تضخم مبالغ فيه ونقص في المحروقات والأدوية وغيرها من السلع اللازمة.

ومن ثم فإن الكهرباء بالكاد متوفرة، وشبكة التليفون المحمول والإنترنت مهددة بالانهيار. ولأن لبنان بلد مستورد وعليه ايضا جلب القمح، فإن ورطة الجوع تهدد المواطنين هنالك جراء استمرار الموقعة في أوكرانيا.

وبحسب آنا فلايشر، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول الألمانية في بيروت، فإن “الدولة لا تؤدي مهامها”، وتبدو لـ DW أنه “غير ممكن حاليا إصدار جوازات السفر لعدم وجود ملفات فارغة قريبة العهد على سبيل المثال. وإضافة إلى هذا، يحاول من هم في السلطة منذ عامين عدم تحريم المسؤولين عن أضخم تفجر غير ذري في تاريخ الآدمية وحمايتهم من المساءلة”، وذلك في دلالة للانفجار الذي حدث في مرفأ بيروت.

ولفترة طويلة، افترض العدد الكبير من المراقبين أن الانتخابات البرلمانية ستلغى. لأنه قبل الانتخابات الأخيرة في سنة 2018، كان مجلس الشعب قد أجل الاقتراع لسنوات. ولذلك فإن “حقيقة أن الانتخابات ما زالت تجري أمر هام وينظر إليه على أنه اختبار حاسم للعملية الديمقراطية في لبنان”، بحسب فلايشر

على الرغم من الحملات الانتخابية وصور المؤهلين الذائعة في مختلف مناطق لبنان.. هل تجيء الانتخابات بجديد وتحويل صوب الأفضل؟

الأحزاب التقليدية حاضرة باستثناء الحريري

ويتألف المجلس المنتخب المقبل من 128 مقعدا. تتنافس جميع الأحزاب التقليدية في البلاد مع قادتها المعروفين، بما في هذا حزب التيار الوطني الحر، وحركة أمل، وحزب الله الشيعي، والقوات اللبنانية، وحزب الكتائب، وأيضاً الحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي. بيد أن المختلف في هذه الانتخابات هو عدم حضور سعد الحريري في أعقاب إعلانه ترك الحياة السياسية؛ وهو الذي انعكس بالتالي على غياب حزبه المستقبل عن الانتخابات، وهكذا فإن رئاسة الوزراء قد تذهب لآخرين.

وبسبب ضمان توزيع السلطة في لبنان متنوع الطوائف، اتفقت الجماعات الدينية المتنوعة في الفائت على توزيع المناصب السياسية والمقاعد البرلمانية استنادا لنظام نسبي وفق التمثيل الديني

فرئيس الوزراء مثلا ينبغي أن يكون طول الوقت سنيا، ورئيس الجمهورية مسيحيا، ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا.

ومع ذاك جلَد الانتخابات المقبلة جماعات أخرى وتضعهم في بؤرة إيلاء الاهتمام مثل المجموعات والمرشحين الذين انبثقوا عن انتفاضة عام 2019، وأبرز تلك المجموعات المستقلىة: “الخط الأحمر” و” لي حقي” ومرصد الشعب لمقاتلة الفساد، واللائحة التي تضم ايضا حُسن دلال. (السهول والجبال).

ويرى عمار عبود. وهو ماهر ومتمرس انتخابي وأحد مؤسسي الجمعية اللبنانية للانتخابات الديمقراطية أن لبنان يجب أن يكون “دولة دستورية مدنية – من دون تمييز وطائفية”، وأنه من اللازم أن يشطب كسر ضمان ذات النخب السياسية التوفيق من جديد في دوائرها الانتخابية.

ومع ذاك، يخشى عمار عبود ايضاً من حدوث احتيال في الانتخابات. لأنه في اجتماع الأزمة، أصبح من الأسهل شراء الأصوات. فخزائن الأحزاب القديمة ممتلئة ويمكن أن ترجو جزئيا إلى المؤازرة من الخارج.

والحقيقة فإن ثمة لجنة لمراقبة الانتخابات، غير أنها كحال مؤسسات الدولة تعاني عجزا ماليا. لذلك سيرسل التحالف الأوروبي مرة ثانية فريقا لمراقبة الانتخابات. وتحدث النجم الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل

إن التحالف الأوروبي يتيح أيضا إعانات مالية وتكنولوجية للتحضير للانتخابات. والمقصد من ذاك هو تدعيم التنمية الديمقراطية والإصلاحات في لبنان.

غير أن حتى إذا كان ربما بصيرة صور المؤهلين المختلفين على الملصقات واللوحات الدعائية الجسيمة في كل مناطق البلاد، فلا تبقى روح تفاؤل حقيقية بين الناس؛ أدرك متعبون والورطة أرهقتهم مثلما يقول كثيرون. وربما أسهَم في ذلك ايضاً أنه منذ الاحتجاجات في أكتوبر/ أكتوبر 2019، انقسمت المحتجون، و “لم يستطيعوا تشكيل قوائم مشتركة”، كما تقول آنا فلايشر.

اللبنانيون بالخارج

ومع ذاك، يأمل اللبنانيون أن يبلغ أكبر عدد ممكن من مرشحي المقاومة إلى المجلس المنتخب. وتتوافق الطبيبة مع هذه التوجهات، وتقول “هناك الكمية الوفيرة من الأصوات الخفية التي تضاد النسق البالي

وهناك الكثير من الناخبين الذين امتنعوا عن الانتخاب في المنصرم”. وهناك اللبنانيون بالخارج الذين، استنادا للخبير الانتخابي عمار عبود، سيصوتون بأغلبية ساحقة للمعارضة.

ووفقا لشبكة المغتربين اللبنانيين، سجل 244 ألف لبناني بالخارج أسماءهم للانتخابات. في المجموع، يحق لحوالي أربعة ملايين لبناني الإدلاء بصوتهم.

ويعلق الكثيرون، وخصوصا الشبيبة اللبناني، آمالا جسيمة على الانتخابات. “إنه تحد صعب، لكن لا شيء غير ممكن”، تقول أمل ناصر الدين. “إذا تمكنا من الحصول على اليسير من الأمل في هذه الانتخابات، فنأمل أن يتحول الباقي ببطء. علينا فحسب التحلي بالصبر”

شرارة الاحتجاجات

نشر وترويج السُّلطة اللبنانية أواخر عام 2019 نيتها تكليف رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل WHats App، فجّرغضب لبنانيين لمسوا قبل أسابيع دلائل أزمة اقتصادية مريرة

أهم ملامحها كان انهيار سعر الليرة وورطة الخبز فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار ورغبتهم في إسقاط الإطار. من هنا انطلقت شرارة الإحتجاجات مع تتالي الطوارئ على اللبنانيين، أسوؤها انفجار مرفأ بيروت.