انتخابات السودان للعام الجديد 2022 …في حين ما زالت الارتدادات الناجمة عن حملة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، تتوالى في المشهد الداخلي السوداني، فإن مراقبين اعتبروا أن «الخطوة الثلاثية» التي أقدم أعلاها حمدوك تقصد بشكل ضروري إلى متابعة مطالب المدة الانتقالية عبر تسليط الضوء على مسألة الانتخابات، العامل الأساسي والحاسم في عملية الانتقال الديمقراطي.
انتخابات السودان للعام الجديد 2022
وعلى الرغم من أهميتها البالغة في تأكيد وتوطيد العملية الديمقراطية، فقد كان متابعو المشهد السوداني يلاحظون بوضوح بالغ وعديد من الإجهاد النفسي أن موضوع الانتخابات إستمرت الموضوع الغائبة، وأحياناً المغيبة عمداً، في أجندة القوى والأحزاب السياسية التي تتشكل منها حاضنة إدارة الدولة الانتقالية أو هذه التي تعمل خارج مظلة اتحاد الحرية والتنقيح.
وفي الواقع، فإن حمدوك لم يقم بإلقاء قرميد في بركة ساكنة، لكنه حقق صدمة لإيقاظ واقع سياسي مأزوم وفوضوي، وهو قد فعل ذاك على نحو تصاعدي وبخطوة واحدة لكنها توزعت على ثلاث مراحل خلال أقل من أسبوعين. ففي المرحلة الأولى وجه رئيس الوزراء خطاباً عاماً للأمة تتم فيه عن تشظي القوى السياسية والعسكرية، وكشف ضعف وهشاشة الائتلاف الوالي، ووضح مكامن عدم الأمان الذي ينطوي عليه تردي الحال الأمني وضعف تأدية المسؤولين في الوظيفة العامة، محذراً من مصير مجهول يغرق فيه جمهورية السودان في أتون موقعة أهلية طاحنة ومدمرة تتبدد في ظلماتها أحلام الانتقال الديمقراطي والاستقرار الأمني والازدهار الاقتصادي.
وبعد أن حظي بانتباه الجميع وإصغائهم، طرح حمدوك في خطاب ثان مبادرته الإصلاحية التي أطلق عليها اسم «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال- الطريق إلى الأمام». وفي تلك الحملة لخص رئيس السُّلطة الانتقالية مطالب الانتقال الآمن إلى الحكم الديمقراطي المستقر، ومن أهمها إنشاء المجلس المنتخب الانتقالي الذي إستمر معطلاً منذ إستحداث السُّلطة وسط تبادل الاتهامات بين أحزاب الائتلاف الوالي بخصوص المسؤولية عن عرقلة إنشائه.
وفي خطوته الثالثة عقد حمدوك اجتماعاً للحكومة ظل ثلاثة أيام، أطلق بعدها ما يشبه الإنذار للقوى السياسية وطالبها بالاتفاق على إستحداث المجلس القانوني، وإكمال إعداد مشروعات قوانين مفوضيتي الانتخابات والدستور ومجلس القضاء العالي أثناء أدنى من شهر. ولاشك في أن قيام هذه المؤسسات في الحقيقة هو نقطة الأساس في عملية الانتقال للديمقراطية.
لقد إستمرت الأحزاب السياسية السودانية ولسنوات طويلة، بعيدة عن مراكز صناعة القرار وعصفت بها الخلافات والانقسامات، وظلت مع ذاك تقاوم دعوات التصليح والتقويم الداخلي. وبعد عامين من قيام السلطة الانتقالية لم تظهر هذه الأحزاب العتيقة اهتماماً جدياً بقضية الانتخابات. بل إن عدد محدود من القوى السياسية والحركات المتمردة الفائتة ما يزال يضغط ويطمع في تمديد عمر المرحلة الانتقالية إلى مالانهاية.
جدير في ذاك الخصوص أن نشير على أن تيارات الحزب الاتحادي الديمقراطي المنقسمة، التقطت بسرعة علامات رئيس مجلس الوزراء حول الاستحقاق الانتخابي، ووقعت سبعة من هذه التيارات على وثيقة لتوحيد الحزب وهو أحد أضخم الأحزاب السياسية السودانية، وتركت الباب مفتوحاً لانضمام بقية التيارات مع بداية مناقشات متعجلة لتأسيس مفوضية الانتخابات وقانون العملية الديمقراطية.