موضوع تعبير عن الرفق بالحيوان … إنّ من صفات البشر الرّحمة مع المخلوقات كافّة، ومن أكثر أهمية تلك المخلوقات الحيوانات؛ لأنّها تَعجز عن الحراسة عن نفسها ومُمقدمة قسوة الإنس الذين قد يتعرضون لها بالأذية ويتسبّبون لها بالألم والإهمال، وأحيانًا تبلغ الأذية بهذه الحيوانات إلى الموت، يتوجب علينا حماية حيواناتنا التي نمتلكها، وتوفير الدفاع للحيوانات كافّة والدفاع عنها حتى البريّة منها، أخلاق الإنسان الكريم تتجلى في الأسلوب والكيفية التي يتعامل بها مع الحيوانات، كما أنّ الإنسان الطيب يعلّم معنى رعاية الحيوانات لأبنائه لو كان أبًا، ولطلابه لو كان مدرسًا.
موضوع تعبير عن الرفق بالحيوان
ثمة العديد من صور رعاية الحيوانات التي يُمكن لأي إنسان اتباعها وجعلها منهاجًا لحياته، ويكون الرفق بالحيوان بواسطة رعاية أنواعه وعدم التعرض لها بالقتل أو الصيد الجائر الذي قد يُنهي حياة الكثير من الحيوانات ويتسبب في انقراضها من الحياة وفي هذا إجحافٌ جسيم.
إنّ الله سبحانه وتعالى لم يحظر ذبح بعض الحيوانات إلا أن خلقها لنقتات منها ونأكل لحمها، غير أن ما يطلع عن الفطرة البشرية الصحيحة هو أن نصطاد تلك الحيوانات بطريقة همجية أو من باب التسلية فحسب، إنه لا يعدّ بغيًا فقط وإنما كارثة تؤدي إلى حدوث خلل بيئي خطير قد يتسبب في إحداث مشكلات متعددة، ليس حصرا للحيوانات والظروف البيئية وإنما قد ينبسط أذاها للإنسان.
تكون الرحمة بالحيوان بتقديم الطعام له، خاصة تلك الأشكال التي لا مسكن ولا صاحبَ لها كالقطط وكلاب الشوارع، فلا يضير الإنسان لو وحط كل فردٍ باب بيته علبة ماء أو مخلفات قليل من الغذاء الذي يُمكنه الاستغناء عنه في طريق تقديمه كطعام لهذه الحيوانات الضالة، كما أنه سيحصل على الكثير من الأجر نظير ذاك الشيء السهل، خاصة حينما يكون الجو حارًا والشمس حارقة، أذكر مرة أنه كان لنا واحدة من الجارات التي تتعمد فتح باب مخزنٍ جانبي في بيتها وذلك لتفسح المجال في مواجهة القطط للدخول في أيام الصيف الحارة وقد كانت تحط لهم الماء والطعام، حتى في أيام البرد القارص كانت تقوم بذلك بلا تردُّد، تطلع من حجرتها والسماء تمطر مطرًا شديدًا كي تفتح لهم الباب.
إنّ الرفق بالحيوانات يتجلى أيضًا عندما نحافظ على الجو المحيط التي تعيش فيها عن طريق عدم تلويثها بإلقاء النفايات السامة بها التي تسبب موتها وتسمنها، مثلما ينبغي عدم افتعال الحرائق التي قد تودي بحياة الكثيرين منها، وتتسبّب بالدمار الشامل لها ولبيئتها التي هيأها الله بهدف العيش فيها، فلو احترقت منطقة واحدة من تلك الغابات سيتأذى العديد من الحيوانات وستتدمر أعشاشها وبيوتها وأوكارها وحتى غذاؤها سيَبلى، ولن يكون لها مكانٌ تأوي إليه، خاصة أنها ستهرب تجربةً البحث عن السلم، غير أن ما لا يمكن تصوره ألّا يمكنها كلها الهرب ممّا يتسبّب بحرقها وإحراق صغارها، وتلك من الفاجعة العارمة التي تتعرض لها الحيوانات لدى احتراق الغابات.
يكون الرفق بالحيوان على يد توفير محميات طبيعية لها بهدف حراسة الأنواع التي إقتربت من الانقراض بسبب الصيد الجائر وشدّاء حرائق الغابات، مثلما يشطب توفير جو موائمة عن طريق هذه المحميات التي يحرم دخولها من قبل الصيادين أو العابثين، كما يشطب في تلك المحميات تقديم الماء والطعام لهم وتوفير سبل العيش عموم.
لا تكون هذه المحميات مُهيأة ليس إلا للحيوانات وإنما تُنشئُ قليل من الدول محميات خاصة بالطيور والأسماك وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض، وتقوم قليل من المدارس بترتيب نزهات إلى هذه المناطق لتعريف الطلاب بتلك الأنواع التي تقوم بحمايتها؛ حيثُ إن العديد منها غير معروف لديهم جراء قلة أعدادها وفي ذلك كلف عارم؛ إذ يقومون بتعريف النشء على تلك الأشكال وما يحصل لها.
يتجلى رعاية الحيوانات أيضًا من خلال عدم تحميلها فوق طاقتها، إذ إنّ هنالك الكمية الوفيرة من الأشخاص الذين يمتلكون الحيوانات بهدف المجهود أعلاها، فيقومون بحفظ ملفها ما لا طاقة لها به، أو صفعها من أجل حثها على المسيرة، أو كيها بالنار مثلما يفعل بعضهم مع الأفراس، أبصرت مرةً رجلًا يُحمِّلُ حمارًا فوق طاقته من الأمتعة فيتقدم الحمار خطوةً ويرجع للوراء خطوتين، شعرتُ بذاك الحمار يذرف الدمع، حزنت كثيرًا أعلاه وتقدمت لصاحبه كي أنصحه بألّا يحمله ما لا يقدر فوقه فنهرني وتحدث لي: وهل شاهدت حمارًا يحس بالوجع؟ صعقتُ مما قال وذهب وتركني حائرًا أستجمع قواي! هل يشير إلى أن يكون حمارًا أنه لا يشعر؟ كم هو مسبب للألم اعتقاد ذاك الرجل، وإنني لأعلم أن مثله كثيرون مع الأسف.
ما أجمل أولئك البشر الذين يحبون تقديم الماء والطعام للحيوانات والطيور، فكثيرًا ما شاهدتُ شخصياتًا يضعون الماء في علب ضئيلة على نوافذ البيوت أو لدى أبوابها أو فوق منازلها، لِكَي تشرب منه الطيور وتحكي عطشها، وقد كنتُ مارًا في الطريق مع أبوي يومًا فمررنا بالقرب من شجرة كانت تحوم حولها حمامةٌ صغيرة، وتصيح بصوت مصاب وترفرف وتهبط حينًا وترتقيُ حينًا أحدث، تبطل أبوي ونظر حوله وإذا بفرخٍ ضئيل يصيح على الأرض ويتضورُ جوعًا فحمله أبوي وأعاده إلى العش الذي كان فيه، خمدت الحمامة وتحلقت حول العش وظلت تنظرُ إلينا ونحن نمشي وكأنها تشكرُ أبي على صنيعه هذا.
اقراء ايضا :أحد الوصايا الأربعة العظيمة في سورة العصر ومتى نزلت
النهاية: بماذا أوصى رسولنا الكريم؟
إنّ لزوم الرفق في الحيوان تتجلى بأسلوب ملحوظ بوصية الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي أوصانا بها وأمرنا بعدم تعريضها للأذى ومعاملتها بأفضل طريقة، ولأنّ في حمايتها إجراء تأديبيً هائلًا من عند الله تعالى، ولقد بيّنت لنا الكمية الوفيرة من الروايات عاقبة عدم رعاية الحيوانات وتعذيبها، وقد ثبت عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قصة هذه المرأة التي حبست القطة فلا أطعمتها ولا سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، يا لهذا الجرم الشنيع! ما الذي فعلته قطة بريئة لتنال هذه المعاقبة من قام باحتجاز وتعذيب وتجويع وحتى حرمانها من الماء والحرية التي قد تجدُ فيها عدم إصابتها