مقدمة عن اليوم العالمي للغة الأم 2022 … يحتفل العالم في 21 فبراير من كل عام ب اليوم الدولي اللغة الأم الذي اختارت هيئة اليونيسكو الإحتفال به في السنة 1999، وبذلك تم إقراره عبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي أهابت بالدول الأعضاء التشجيع على المحافظة على جميع اللغات التي تستخدمها شعوب العالم وحمايتها.
مقدمة عن اليوم العالمي للغة الأم 2022
يرمز ذاك اليوم إلى أهمية اللغة الأم في حياة الإنس، على اعتبار أنها وحدها القادرة على التعبير الدقيق عن تقاليدهم ومعتقداتهم وهويتهم، وهي ركيزة لازمة للاتصال والاندماج بالمجتمع الواحد، إضافة إلى ذلك أنها ركن أساسي من زوايا بناء الأوطن كالأرض والشعب والعلَم والجنسية والعملة.
هي أول لغة يتعلمها الولد الصغير وتكون الأكثر قربا إلى قلبه لأنها لغة أهله وأجداده وفوق منها تربّى ومنها تعلّم أول حروفه ولفظ أول كلماته، هي ذاكرة الأرض والرابط الوثيق بها، هي إسم على مسمّى، فتكون الأغلى على قلبنا لأن ما من أثمن من الأم على قلب الإنسان.
المخاطر والتحديات التي تهدد “اللغة الأم”
وبالرغم من أن اللغة الأم تُعتبر الوسيلة الأكثر قوة التي تحفظ تطوّر إرث ثقافي الجمهورية وثقافته وتاريخه، سوى أنها للأسف تتعرض اليوم إلى الاندثار والزوال لأسباب وفيرة أولها العولمة، فتكاد تضيع برفقتها التقاليد والذاكرة والأنماط الفريدة في التفكير والتعبير.
وحسب تقارير هيئة اليونيسكو، فإن أربعين% من الأهالي بخصوص العالم لا يحصلون على التعليم باللغة التي يتحدثون بها أو يفهموها. وتشير إحصائيات أجريت العام المنصرم، على أن ما لا يقل عن 43% من اللغات المحكية في الكوكب والبالغ عددها حوالي 7000 لغة معرضة للاندثار.
اللغة العربية والعولمة
أما فيما يتعلق للمخاطر والتحديّات التي تواجهها اللغة العربية اليوم فهي عديدة، وهو وجّهٌ طبيعي تجتازّ به في أيامنا هذه كل لغات العالم، لأننا قسم من مجموعات وفيرة من الدول التي تتأثر بارتدادات العولمة. والتحدي الأكثر أهميةّ اليوم يتمثل بدخول اللغة الانجليزية إلى كل تفاصيل حياتنا. فهي باتت تتحكم في كل شيء لأن كل الدراسات والجامعات والابتكارات والتقنيات والعلوم تُدرّس وتُعطى باللغة الانجليزية، وهي تدخل على نحو لازم بوسائل السوشيال ميديا والتليفونات الفطنة ما يجعلها تدخل إلى عائلاتنا وأذهان أولادنا بأسلوب تلقائي.
الأمثال الشعبية في المملكة الأردنية الهاشمية وارتباطها باللغة الأم
وكما تشكّل اللغة الأم حيّزاً كبيراً ومهمّا في حياة الواحد، فهي وكما سبق وذكرنا تحتلّ جزءاً كبيراً من ذاكرتنا وذكرياتنا الجماعية وتدخل في فضل الدولة وتعد من أهم سماته، وأضخم دليل على هذا هي الأمثال الشعبية التي لا من الممكن أن تُحكى أو تُأدرك إلا باللّغة المحكية أو اللغة الأم.
ولطالما يروي الكبار في السن على مسامعنا تلك الأمثلة بطريقتهم المختصة، فتكون لها نكهة فريدة وغير ممكن ترجمتها لأي لغة أخرى لأنها ستفقد معناها بشكل خاصً أنها متعلقة بشكل وثيق باللغة الأم، إذ تحتوي على كلمات تعبّر عن هوية كل منطقة في البلد، ووراء كل مثل من هذه الأمثال حكاية وقصة.
نذكر لكم عدد محدود من الأمثال الشعبية التي تُضرب في الأردن:
• عمر القصير ما يوكل تين: هو مثل أردني شعبي يحمل العدد الكبير من المعاني، فالبعض يقول إن شجرة التين عالية والقصير لا يمكن أن يطالها فيُصفع المثل لجميع إنسان يأمل على الأكبر منه، كما يفسّره البعض أن الموضوع الذي يتكلم فيه هو تحصيل حاصل، وفي تفسير ثالث يقال إن من يسعى إلى شيء يلزم أن يكافح للحصول فوقه ولا يكتفي بالتمنيات فالقصير لا يمكنه أن يأكل تين.
• ما ضل إشي ببلاش غير العمى والطراش: تُقال لدى ذكر الغلاء المعيشي، الطراش يشير إلى ضياع السمع.
• الخيّرة من ليلتها إمبينه: يضرب في المرأة الحسنة التصرف.
• من برا رخام ومن جوا سخام: تقال للواحد الجميل من الخارج والسيء من الداخل والسخام يعني الفحم الأسود.
• الطول طول نخلة والعقل دماغ زخلة: تقال لمن ذهنه قليل والزخلة تعني الغنم.
مستقبل اللغة الأم
إذاً، مستقبل اللغة الأم واستمرارها هو رهنٌ بعوامل كثيرة أكثر أهميةّها مبادرات الشركات الحكومية المعنية، والأعمال العلمية والبحثية والإعلامية، إضافةً إلى الجهد الفردي لأبناء الوطن لحفظ لغتهم وصيانتها عبر مرور الزمان.
وقد يُطرح السؤال حول لزوم تعلّم اللغة الأم بشكل خاصً عند المغتربين، الذي يسعون إلى تعليم أبناءهم الصغار لغتهم الأم حتى يضمنون ارتباطهم بوطنهم، وفي هذه الحالات يُحذر بمنح الأطفال “تعليماً مزدوجاً”، أي تحفيزهم على تعلّم لغة الام ولغة الجمهورية القاطن، حتى يكون بمقدورهم الإندماج بين المجتمع الذين يتواجدون فيه.
اللغة الأم ليست مجرد كلمة عابرة، وهي مسؤولية كل فرد في المجتمع الوطن أن يحمي ويحفظ لغته وأن يعلمها لأبناءه، ويرسخها في أذهانهم ليحافظوا فوقها على أنها كنز ثمين فقط مثل الأراضي والعقارات والمؤسسات. فمن ليس له لغة ليس له هوية ولا تاريخ.