موعد استقلال الكويت عن بريطانيا .. مع إشراقة يوم الـ9 عشر من حزيران عام 1961 كانت الكويت على ميعاد مع وقع مفصلي غير مسار تاريخها وطراز انطلاقة جديدة وخلاقة في عمر البلد.

موعد استقلال الكويت عن بريطانيا

ففي هذا اليوم التاريخي الذي شهدت البلاد امس ذكرى مرور ستين عاما عليه تم توقيع وثيقة استقلال البلاد وإلغاء اتفاقية الدفاع مع إدارة الدولة الإنجليزية لتبدأ البلاد عهدا جديدا في ظل قيادتها التي استطاعت على مجال 6 عقود أن تتبوأ منزلة مرموقة على الصعد الاقليمية والعربية والعالمية.

وطوال الـ ستين عاما الفائتة أحرزت الكويت إنجازات مميزة على الصعد سائر بحسب خطط استشرافية أدركت متطلبات البلاد وأبنائها من الإنماء والتطوير والازدهار وأسهمت في تأدية دور محوري في الوثائق الاقليمية والدولية التي اضطلعت بها مثلما صارت محط انظار العالم في المساعدات البشرية.

وبصرف النظر عن الظروف الاستثنائية التي فرضتها آفة Covid 19 منذ انطلاقتها قبل باتجاه 15 شهرا فما زالت البلاد تحث خطاها باتجاه غد مشرق لأبنائها بواسطة إنجاز خططها التنموية النافعة الى ترسيخ القيم الوطنية وتحقيق الإنماء الإنسانية المأمولة وتوفير بنية ضرورية مناسِبة وتشريعات متقدمة ومناخ ممارسات مشجعة.

وتظل الكويت في حضور سياقة نيافة امير البلاد الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في نزهة الإنماء والاعمار على الصعيد الداخلي وفي مسيرة الدبلوماسية الوقائية ونزع فتيل الظروف الحرجة وحل القضايا العالقة إقليميا ودوليا.

وتأتي هذه النزهة إكمالا للنهج الذي اختطه نيافة الأمير المسافر الشيخ صبيحة الأحمد ومن قبله باقي الحكام الذين التف الشعب حولهم ليقودوا البلاد إلى بر الأمن والأمان على الرغم من الأزمات الكثيرة التي شهدتها المنطقة.

ولقد فهم صاحب السمو الأمير المسافر الشيخ عبدالله السالم أن اتفاقية 23 كانون الثاني 1899 التي وقعها الشيخ مبارك الصباح مع بريطانيا في هذا الوقت لحماية الكويت من الاطماع الخارجية لم تعد صالحة مع الأخبار في العالم حينذاك.

وهكذا وفي 19 يونيو عام 1961 أعرب السالم انتهاء معاهدة الحراسة البريطانية عن طريق توقيع وثيقة استقلال البلاد مع المبعوث السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن إدارة الدولة البريطانية.

وبعد توقيع الوثيقة وجه الشيخ عبدالله السالم كلمة خالدة إلى الشعب الكويتي أفاد فيها “شعبي العزيز… إخواني وأولادي… في ذاك اليوم الأغر من أيام وطننا المعشوق… في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مدة أخرى من فترات التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بجميع ما تحمله وما انطوت فوقه لنفتح صفحة جديدة متمثلة في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة”.

وفي سنة 1963 صدر مرسوم بدمج اليوم الوطني بعيد القٌعود وهو ذكرى إستلم الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم في البلاد الذي يصادف 25 فبراير من كل عام.

وسبق التوقيع على وثيقة الإعتاق خطوات مدروسة من قبل الشيخ عبدالله السالم منذ توليه مقاليد الحكم عام 1950 إذ عمل على تحري التحرر وإعلان الدستور خصوصا أن البلاد كانت في تلك الفترة مهيأة للتطور في متباين الميادين.

وشهد عام الإعتاق صدور قرار أميري بخصوص العلم الكويتي وهو أول دراية يرفع حتى الآن الإعتاق وتم تحديد طرازه وألوانه في حين جاءت الخطوة التالية بعد التحرر بطرح الكويت طلبا لجامعة الدول العربية فتم موافقة عضويتها في 16 يوليو 1961.

وفي 26 أغسطس 1961 صدر قرار أميري في شأن تصرف انتخابات للمجلس التأسيسي تحقيقا لرغبة الشيخ عبدالله السالم بإقامة نهج حكم حالي على أسس واضحة ومتينة وإصدار دستور يستند إلى المبادئ الديمقراطية إذ أحرز مجلس الشعب مشروع الدستور الذي تكفل 183 مادة خلال تسعة أشهر.

واتسم قانون الكويت بروح التقدم التي تتيح للشعب الكويتي الإجابات الديمقراطية للانطلاق في درب النهضة والتطور والازدهار والذي مكن البلاد من انتهاج حياة ديمقراطية مستمدة من هذا القانون المتكامل الذي أقره مجلس تأسيسي منتخب من أبناء الكويت.

وكان عهد الشيخ عبدالله السالم الذي امتد 15 عاما من السنين البارزة في تاريخ الكويت وأطلق فوقه لقب “أبوالاستقلال” و”أبوالدستور” نظرا إلى جهوده المضنية وإنجازاته الضخمة وحكمته السديدة لنيل التحرير.

وبدأت الكويت في تلك الحقبة بوضع القوانين والأنظمة التي خطت بها باتجاه الاستقلال الكامل فأنجزت 43 قانونا وتشريعا مدنيا وجنائيا منها قانون الجنسية وقانون النقد الكويتي وقانون الجوازات وترتيب الدوائر الأصلية.

كما صدر أمر تنظيمي أميري بتجهيز القضاء وجعله شاملا لجميع الاختصاصات القضائية في النزاعات التي تقع في البلاد بعد أن كانت قليل من القضايا تنظر أمام هيئات غير كويتية.

ونالت الكويت حتى الآن الإعتاق عضوية العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية كمنظمة منظمة الأمم المتحدة ومجموعة من المنظمات العالمية والإقليمية الموالية لها اضافة الى منظمات أخرى منها الدول المصدرة للبترول (أوبك) فضلا على الحضور الفاعل في العديد من الفعاليات العربية والعالمية.

إدارات مهيأة للتوسع والتطوير

كانت البلاد كثيفة بالعديد من الإدارات المنظمة جيدا والمهيأة على نطاق البنية الهيكلية لمزيد من التمدد والتطوير كإدارات الأشغال العامة والصحة العامة والمطبوعات والنشر وأملاك البلد المادية إضافة إلى المعارف والبلدية والبريد والجهاز المحمول والكهرباء والماء والأمور الاجتماعية والأوقاف والإذاعة والتلفزيون. وشكلت تلك المعطيات عنصرا ايجابيا للتطوير أثناء الاعوام التالية.

وسارت الكويت عقب التحرر بخطى ثابتة إزاء النسق الدولي الجديد والتشريعية الدولية برفض العدوان وتأمين حقوق الإنسان والمحافظة على خصوصية الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى كما آمنت بدور منظمة الأمم المتحدة في حماية وحفظ الأمن والسلام الدوليين.

عام 1963 صدر قرار بدمج العيد الوطني بعيد القٌعود الذي يصادف 25 فبراير

زخرت البلاد إبان الاستقلال بإدارات مهيأة للإتساع وشكلت لاحقاً العنصر الأكثر بروزاً للتطوير