من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجلان تحابا في الله . … تعددت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي جلَد البشارة بدخول الجنة لأصناف من عباد الله الصالحين، وسوف يجد هؤلاء سوياً ما وعدهم خالقهم به وما بشرهم رسولهم الكريم به يوم لا ينجح ملكية ولا بنون إلا من جاء ربه بقلب سليم .

من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجلان تحابا في الله .

من ضمن الذين وعدهم الله برحمته ومغفرته وبذلك جنته هؤلاء الذين تتم عنهم رسولنا الكريم دعوات الله وسلامه فوقه في الحديث الصحيح: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا إستمر سوى ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل فؤاده عالق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا فوقه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه .

في هذا المحادثة النبوي الشريف يوضح الرسول عليه الصلاة والسلام كما يقول الطبيب أحمد عمر هاشم أستاذ سنة النبي صلى الله عليه وسلم بجامعة الأزهر مكانة عدد محدود من المؤمنين المقربين من خالقهم الذين يكونون في وجود عرش الله أو في كنف رب العالمين ورعايته الآخرة حين يقوم الناس لرب العالمين

وتدنو الشمس من الرؤوس، ويتفاقم الحر، ويأخذ الناس العرق، ولا شيء يظلل الناس ويقيهم لفح الشمس وهول الحالة سوى الالتجاء إلى الله وإلى كنفه وظل عرشه ورحمته، إلا أن ذاك الظل ليس لجميع أحد، إنه لأصحاب هذه الإشارات والقائمين بهذه العبادات .

الإمام العادل

وأول هؤلاء الذين يسعدون بظل الله ويفوزون بجنته بعد التفوق برحمته هو الإمام العادل، وينطبق ذاك الوصف على كل إنسان نظر في أمر من شؤون المسلمين وحكم فيه، وغالباً ما ينطبق ذاك على الحكام والولاة والقضاة، وقد بدأ بهم النبي صلى الله عليه وسلم لدفعهم إلى العدل والحرص على الإنصاف بين الناس لما في ذلك من مختلَف استفادة لجموع المسلمين .

وثاني هؤلاء الذين بشرهم رسول الله بظل الله الآخرة والفوز بجنته شاب صغير نشأ بعبادة ربه أي حرص منذ صغره على أداء العبادات كما يجب أن تؤدى، والثالث رجل فؤاده مضيفا تعليقا بالمساجد أي انه شديد الحب للمساجد ملازم للجماعة فيها، وليس المرغوب إستمرارية القعود بالمسجد والنوم فيه كما يفعل بعض الناس، فالمساجد جعلت للعبادة وتدارس القرآن ولم تكن أبداً موضعاً للنوم والاسترخاء .

ورابع هؤلاء الذين ينتظرهم إستمر الله ورحمته الآخرة رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه والمراد بذلك الوصف أن يجمع الحب في الله بينهما وأن يظل حتى يتفرقا فوقه في مجلسهما أو حتى يفرق بينهما الموت، وهما صادقان في حب كل منهما للآخر عند اجتماعهما وعند افتراقهما .

عفة تقود إلى الجنة

وخامس هؤلاء الناس الذين يحظون بظل الله الآخرة وينعمون برضوانه ويفوزون بجنته رجل دعته امرأة ذات مركز وظيفي وجمال فقال: إني أخاف الله، وخص النبي صلى الله عليه وسلم ذات المركز الوظيفي والجمال لكثرة الإستعداد إليها، وصعوبة الحصول أعلاها وهي جامعة لجميع عوامل التوق إلى المركز الوظيفي والجمال وهي التي تدعو فأغنت عن مشقة التوصل إليها

فكان البعد عن المعصية والامتناع خوفاً من الله مع كل تلك المرغبات دليلاً على كمال الطاعة لله والخوف منه عز وجل، ولقد أعرب الرهبة من الله بلسانه زجراً للمرأة، أو بقلبه زجراً لنفسه .

وسادس هؤلاء الذين بشرهم رسول الله مطالبات الله وسلامه أعلاه بظل الله وجنته رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، وفي رواية أخرى الضد أي حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه لأن الواضح أن النفقة تكون باليمين، ومهما يكن المقال الصحيح هنا، فدلالة ما يقصده رسول الله صلوات الله وسلامه فوقه جلية وهو فضل صدقة السر لبعدها عن الرياء، وقربها إلى الإخلاص، وذلك يكون في صدقة التطوع، أما الزكاة الواجبة فإعلانها مثلما يشير الدكتور هاشم أرقى، وكذلك الوضع فيما يتعلق إلى الدعاء، فالفريضة يكون إعلانها أحسن، والنافلة يكون إسرارها أسمى، وفي الحوار السليم أحسن الدعاء تضرع المرء في بيته إلا المكتوبة